كم كانت كئيبة وباردة تلك الليلة المشئومة .. مع أن أحدا لا يعرف تاريخها بالضبط! .. بعض سكان بلدة ويلوسبرينك الصغيرة في شيكاغو يقولون أنها حدثت في عشرينيات القرن المنصرم، فيما يقول آخرون بأنها وقعت في الثلاثينات. لكن أيا ما كان التاريخ الصحيح فأن الجميع يتفقون على أنها كانت نقطة البداية لجميع ما تلاها من أمور غامضة ومحيرة. والعجيب أن أحداث تلك الليلة المريرة لم تبدأ في خربة موحشة ولا في منزل مهجور كما تعودنا في معظم قصص الرعب، بل على العكس من ذلك ابتدأ كل شيء في قاعة رقص كبيرة تشع بالأنوار وتضج جنباتها بالموسيقى وصيحات وضحكات الرجال والنساء الذين اجتمعوا معا للرقص والمرح. ومن بين هؤلاء شابة شقراء ذات عينان زرقاوان واسعتان أسمها ماري، كانت ترتدي ثوب سهرة أبيض وتنتعل حذاء رقص أبيض اللون أيضا، وقد حضرت إلى القاعة برفقة صديقها حيث أمضيا معا عدة ساعات صاخبة رقصا خلالها طويلا. لكن شجارا حادا نشب بينهما في ساعة متأخرة من تلك الليلة مما أغضب ماري ودفعها إلى ارتداء معطفها ومغادرة القاعة لوحدها .. ولم تبتعد المسكينة كثيرا، فقد صدمتها سيارة مسرعة على بعد شوارع قليلة وفر السائق الجبان تاركا ماري لوحدها تلفظ أنفاسها الأخيرة على قارعة الطريق. ولأن الوقت كان متأخرا والشوارع خالية والجو في غاية البرودة، فقد ظلت جثة ماري ملقاة في الشارع حتى فجر اليوم التالي حيث عثر عليها والداها اللذان كانا قد خرجا للبحث عنها بعد أن أقلقهما تأخرها وغيابها عن المنزل في الليلة الفائتة. وكم كان حزنهما عليها كبيرا، لم يتخيلا أبدا رحيل أبنتهما الشابة الجميلة بهذه الطريقة العنيفة، وتألما كثيرا لفرار القاتل الذي لم يلقى عليه القبض قط.
وكتعبير عن الأسف والحسرة على شبابها الضائع دفنت ماري بنفس ثوب السهرة الأبيض الذي كانت ترتديه ساعة موتها. والمفارقة أنها دفنت في مقبرة تقع بمحاذاة الطريق العام الذي يمر بقاعة الرقص حيث أمضت ماري ليلتها الأخيرة، ولا يفصل بين القاعة والمقبرة سوى أميال معدودة، أي أن من يترك قاعة الرقص ليلا ويتجه بسيارته شمالا إلى خارج البلدة فأنه سيمر لا محالة بالمقبرة حيث دفنت ماري، وهي مقبرة قديمة تدعى مقبرة القيامة (Resurrection Cemetery ).
الأحداث الغامضة بدأت بعد موت ماري ودفنها بفترة قصيرة حيث انتشرت حكايات غريبة في البلدة عن ظهور فتاة شقراء تقف ليلا على جانب الطريق العام وتلوح بيدها للسيارات العابرة لكي تقف وتقلها إلى منزلها الذي يقع إلى الشمال من البلدة. سائقي السيارات الذين توقفوا وأقلوا الفتاة معهم قالوا بأنها شقراء .. عيناها زرقاوان .. وترتدي ثوب سهرة أبيض، وزاد بعضهم في أنها تنتعل حذاء رقص أبيض أيضا. وقد اتفقوا جميعا على وصفها بالجميلة بالرغم من شحوب وجهها، وقالوا بأنها كانت قليلة الكلام ولم تبدي رغبة كبيرة في تبادل الحديث. كانت تجلس بهدوء حتى تصل السيارة إلى السور المحيط بالمقبرة، عندها تطلب من السائق أنزالها أمام البوابة الرئيسية للمقبرة. وأغرب ما في القصة هو أن الفتاة كانت تختفي فجأة ما أن تتوقف السيارة أمام البوابة .. كانت تتبخر في الهواء من دون أن تترك خلفها أي أثر.أحد سائقي الأجرة وصف تجربته المخيفة مع الفتاة قائلا بأنه كان يقود سيارته عائدا إلى المنزل في إحدى ليالي الشتاء الباردة بعد أن أستمر بالعمل حتى ساعة متأخرة. وقد كان الطريق خاليا تماما من المارة والسيارات حين لمح فجأة فتاة شابة وهي تسير بمفردها على جانب الطريق، لم تكن ترتدي سوى ثوب سهرة أبيض على الرغم من برودة الجو الشديدة في تلك الليلة. سائق الأجرة أشفق على الفتاة فتوقف وعرض عليها أن يوصلها إلى منزلها مجانا، فصعدت الفتاة إلى سيارته وجلست على المقعد الخلفي بعد أن أخبرته بأن منزلها يقع إلى الشمال من البلدة. وكان ذلك هو آخر ما سمعه السائق منها، فقد حاول خلال الطريق أن يجرها للحديث معه أكثر من مرة ..تكلم عن العمل .. وعن البلدة .. وعن الطقس .. لكن الفتاة......يتبع الجزء الثاني
whpfm hgv]hx hghfdq hgvphg