تجتاح العالم كلّ عامٍ فترةٌ زمنيّةٌ قصرةٌ لا تتعدى بضع دقائق، تمتاز بهدوئها الغريب. فخلالها ينسى جميع البشر خلافاتهم ومشاكلهم وصراعاتهم وحقدهم وكرههم، وتتوقف الحروب والخصامات خلال هذه الدقائق، كما تتوقف حوادث السيارات والطائرات، ولا تحدث أيّ كوارث، أو زلازل، أو براكين. إذ تعيش الكرة الأرضية خلال هذه الفترة القصيرة في سلام وأمان. أثبتت بعض الأدلة العلمية أنّ تلك الدقائق هي ضرورةٌ يفرضها نظام المجموعة الشمسيّة الذي يخلو من الحياة ما عدا الأرض ليُعيد توازنه المفقود طوال العام بين الطبيعة والإنسان. ويبدو أنّ دقائق الأمن والسلام التي تغزو الأرض مرةً كلَّ عامٍ تمرُّ دون أن يلاحظها أيّ أحد أو يدركَ نتائجها السريعة، وممّا يزيد غموضها أنّها تحدث بصورةٍ غير منتظمة؛ فربّما تحدث هذه السنة ليلاً الساعةَ التاسعة والنصف خلال الشتاء، وقد تعود السنة القادمة في الصيف عند الفجر أو الظهر ليحلّ عندئذ أمنٌ نعيشه ولا نشعر به ولو لبضع دقائق. قرر فريقٌ من الباحثين المختصين في علوم الفيزياء الفضائية والفلك دراسة هذه الحالة لمعرفة آلية حدوثها، والتغييرات التي تجري على المجرة خلالها، فهم يراقبون كلّ حركةٍ صغيرةٍ لأيّ كوكبٍ أو قمرٍ أو أيّ جرمٍ سماويٍّ آخر من مذنبات وكويكبات، وحتى الغبار الكوني والشهب والنيازك، ولكن ليس هناك ما يدلّ على أيّ تغيّرٍ يحدث، ربما سيظل هذا الأمر لغزاً للبشرية جمعاء.