يختلف مقدار الاحتياج العاطفي من شخص لآخر، وهناك من لديهم احتياجات أكثر من غيرهم، وقد يكون الأمر مقبولا بداية العلاقات، ولكن مع الوقت قد يصبح التشبث العاطفي الشديد حملا على الطرف الآخر، ويدفعه بعيدا.
فماذا يعني أن تكون متشبثا بشريكة حياتك؟ وكيف تنظمين مشاعرك واحتياجاتك حتى تتمكني من الاستمتاع بعلاقة صحية وسعيدة مع شريكك؟
الاعتماد الصحي والتشبث
هناك مساحة صحية للاعتماد على شريك الحياة، وهو أحد أهداف العلاقات، أن تحصل على الدعم النفسي من الطرف الآخر عندما تمر بوقت عصيب، وأن تشعر بالأمان وأنه بجانبك ويريدك، وأنت تفعل ذلك أيضا، وهذه الاعتمادية المتبادلة صحية.
أما التشبث، بحسب موقع "سيكولوجي توداي" (Psychology today)، فينبع من فراغ لدى الشخص، وهو مرتبط بضعف الثقة بالنفس، فتشعر أنك غير مكتمل ما لم تكن متأكدا أنك بجانب شريكك.
ويميل الأشخاص الذين يمتلكون شخصية متشبثة إلى البقاء أو الالتصاق بمن يحبون، للحصول على الدعم والأمان والحماية، وغيرها من الاحتياجات، ويظهر التشبث بأشكال مختلفة في العلاقات العاطفية، مثل:
الاتصال بشريكك ومراسلته عدة مرات خلال اليوم.
الإصابة بالذعر عندما لا يرد ومتابعة نشاطه باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي.
الشعور بالتهديد من تعاملاته مع الجنس الآخر.
الرغبة المستمرة في الوجود مع شريكك في جميع الأنشطة التي تقوم بها.
قضاء وقت أقل مع أصدقائك.
القلق باستمرار حيال مشاعر شريكك تجاهك.
لماذا نتشبث بشريك الحياة؟
الاحتياج للحماية
بحسب موقع "فيري ويل مايند" (Very Well Mind) ينبع التشبث الشديد من الشعور بالقلق والخوف والاحتياج للحماية، ونقل عن دراسة أن سلوك التشبث والاحتياج للحماية طوره الإنسان منذ آلاف السنين، أثناء عملية التطور، حيث كان الأشخاص المستضعفون يسعون بالفطرة إلى الوجود بصحبة شخص بالغ قوي من أجل الحماية.
التعلق القلق
بحسب نظرية التعلق يتأسس نمط تعلقك خلال أول عامين من حياتك، فإذا كان لديك رعاية آمنة ومنتظمة، فمن المحتمل أن تطور تعلقا آمنا، ولكن إذا كانت هذه الرعاية غير مستقرة، في بعض الأحيان شعرت بالأمان ولكن في أحيان أخرى شعرت بالإهمال، فقد تطور ارتباطا قلقا.
ويرتبط غالبا نمط التعلق القلق بالتشبث في العلاقات العاطفية، فهم يشعرون باستمرار بتهديد أنهم سيتم التخلي عنهم، ويبحث الشخص المتشبث باستمرار عن العلامات الأولى التي تدل على أن الطرف الآخر يبتعد عنه.
ويفعل الشخص المتشبث كل ما في وسعه للاقتراب عاطفيا من شريكه، ولكن يسبب هذا التشبث في المقابل ضغطا كبيرا على الطرف الآخر، وقد يكون سببا لإنهاء العلاقة.
العلاقات السابقة
عند التعرض لصدمات من علاقات سابقة، سواء علاقات عاطفية أو مع الأصدقاء، قد يمتد تأثير هذا الأذى ويجعلك شديد الحذر والقلق من إعادة التجربة مرة أخرى، وتلقائيا تبذل كل ما بوسعك للتأكد أنكما على وفاق ولا تنحرف العلاقة عن مسارها.
التشبث بأشكال مختلفة في العلاقات العاطفية مثل الشعور بالتهديد من التعاملات مع الجنس الآخر (بيكسلز)
كيف تقلل تشبثك بالطرف الآخر؟
قد يبدو من الصعب فصل نفسك عن الشخص الذي تحبه بشدة، إلا أن هناك تغييرات بسيطة يمكنك إجراؤها لمساعدتك على تجنب التشبث في علاقاتك، والشعور بالأمان.
تقبل وجود المشكلة
يظهر التشبث في العلاقات في صور متعددة خلال التعاملات اليومية، لذلك من المهم لعلاج هذا التعلق أن تعترف بوجود مشكلة، وتبدأ بتحديد سلوكياتك التي تحتاج إلى تعديل.
ضع الطرف الآخر في الصورة
بعد قبول أنك قد تكون متشبثا بالعلاقة، تحدث معها حول ما تشعر به، وما تريده منها للشعور بالأمان، وذلك بالقدر الذي لا يسبب لها ضغطا، كما يمكنك كزوجة أن تطلبي من شريك حياتك أن يرسل إليك رسالة نصية بأنه منشغل وسيعاود الاتصال بك، إذا لم يستطع أن يجيب على هاتفك.
وقد تساعد هذه المحادثة الشريكين على فهم السلوكيات والمشاعر، وتقديم ما يجعل العلاقة صحية ولا يشعر أي طرف بالتهديد أو أنه محاصر.
هناك تغييرات بسيطة يمكنك إجراؤها لمساعدتك على تجنب التشبث في علاقاتك والشعور بالأمان (بيكسلز)
تعديل نمط التعلق
تنطلق مشاعر التعلق القلق من طفولتك، ولذلك يتعلق الأمر بالتعلم لفصل الماضي عن الحاضر، وإدراك أنك أصبحت بالغا ولم تعد طفلا يحتاج لمقدم الرعاية للشعور بالأمان، ويمكنك الاستعانة بمعالج نفسي لتعلم كيفية تطوير نمط تعلق صحي.
أعط نفسك فرصة
التشبث بشريك الحياة والانشغال به وبعلاقتكما معظم الوقت قد ينسيك أن تعتني وتهتمي بنفسك، وبالوقت تصبح مشاعرك واهتماماتك ورغباتك أغلبها متعلقة بشريك حياتك.
ولتخفيف هذا التشبث عليك أن تعطي الجزء الأكبر من هذا الاهتمام لنفسك، وتعيدي اكتشاف ما يجب أن تفعليه والكتب التي تودين قراءتها بمفردك، والمهارات التي تحبين اكتسابها، وما تودين تعلمه في مجال عملك، وأن تعطي لنفسك فرصة للتواصل مجددا.
وعندما تشعرين بالإلحاح المعتاد للتواصل المستمر مع شريك حياتك، قاومي ذلك ووجهي تركيزك على شئ آخر تحبينه ويفيدك.
أعد بناء علاقاتك
عندما تكون في علاقة عاطفية، قد تشعر أنك تستهلك كل مشاعرك وطاقتك على شريكة حياتك، وفي رحلتك لتتعلم أن تكون أقل تشبثا، هذا هو الوقت المثالي لإعادة الاتصال بأصدقائك وقضاء وقت أكثر مع عائلتك.
ولن يؤدي ذلك إلى تقوية علاقتك بالأصدقاء فحسب، بل ينعكس عليك وعلى احتياجاتك العاطفية التي كنت تنتظر تلبيتها كلها من شريكة حياتك، ويجعل تعلقك صحيا أكثر.
اطلب المساعدة
نظرا لأن التشبث غالبا ما ينبع من القلق والخوف المستمر أن من تحبهم سيتخلون عنك أو يستبدلونك بشخص آخر، قد يكون الأمر مرهقا وأقوى من أن يتم تنظيمه بالتواصل مع أصدقائك، وغيرها من النصائح، ولذلك قد تحتاج لمساعدة مختص نفسي لمساعدتك على إدارة مشاعر القلق لديك، وفهم سبب ارتباطك الشديد بالناس.