05-29-2022, 12:01 PM
|
|
|
|
حديث: لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان
حديث: لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان
عن عبدالرحمن بن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: كتب أبي وكتبت له إلى ابنه عبدالله بن أبي بكرة، وهو قاضٍ بسجستان: لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان".
وفي رواية: "لا يقضينَّ حكم بين اثنين وهو غضبان".
قال الحافظ: الذي يظهر أن قوله: كتب أبي أيَّ، أمر بالكتابة، وقوله: وكتبت له؛ أي باشرت الكتابة التي أمَر بها.
قوله: (لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان)، قال المهلب: سبب هذا النهي أن الحكم حالة الغضب قد يتجاوز بالحاكم إلى غير الحق فمُنع، وبذلك قال فقهاء الأمصار، وقال ابن دقيق العيد: فيه النهي عن الحكم حالة الغضب، لِما يحصل بسببه من التغير الذي يختل به النظر، فلا يحصل استيفاء الحكم على الوجه، قال: وعداه الفقهاء بهذا المعنى إلى كل ما يحصل به تغيُّر الفكر كالجوع والعطش المفرطين، وغلبة النعاس وسائر ما يتعلق به القلب تعلقًا يشغله عن استيفاء النظر، وقال الشافعي: أكره للحاكم أن يحكم وهو جائع أو تَعِبٌ، أو مشغول القلب، فإن ذلك يغير القلب.
قال الحافظ: لو خالف فحكَم في حال الغضب، صح أن صادف الحق مع الكراهة، هذا قول الجمهور، قال: وقال بعض الحنابلة: لا ينفذ الحكم في حال الغضب لثبوت النهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، وفصل بعضهم بين أن يكون الغضب طرأ عليه بعد أن استبان له الحكم، فلا يؤثر، وإلا فهو محل الخلاف، وهو تفصيل معتبر، قال: وفي الحديث أن الكتابة بالحديث كالسماع من الشيخ في وجوب العمل، وأما في الرواية، فمنع منها قوم إذا تجردت عن الإجازة، والمشهور الجواز، نعم الصحيح عند الأداء ألا يطلق الأخبار، بل يقول: كتب إلي أو كاتبني، أو أخبرني في كتابه، وفيه ذكر الحكم مع دليله في التعليم، ويجيء مثله في الفتوى، وفيه شفقة الأب على ولده وإعلامه بما ينفعه، وتحذيره من الوقوع فيما ينكر، وفيه نشر العلم للعمل به والاقتداء وإن لم يسأل العالم عنه[1].
فصل:
قال في الاختيارات: ويقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود والقصاص، وهو قول مالك وأبي ثور في الحدود، وقول مالك والشافعي وأبي ثور ورواية عن أحمد في القصاص: والمحكوم به إذا كان عينًا في بلد الحاكم، فإنه يسلمه إلى المدعي، ولا حاجة إلى كتاب، وأما إن كان دينًا أو عينًا في بلد أخرى، فهنا يقف على الكتاب، وها هنا ثلاث مسائل متداخلات: مسألة إحضار الخصم إذا كان غائبًا، ومسألة الحكم على الغائب، ومسألة كتاب القاضي إلى القاضي، ولو قيل: إنما نحكم على الغائب إذا كان المحكوم به حاضرًا؛ لأن فيه فائدة وهي تسليمه، وأما إذا كان المحكوم به غائبًا، فينبغي أن يكاتب الحاكم بما ثبت عنده من شهادة الشهود؛ حتى يكون الحكم في بلد التسليم، لكان متوجهًا، وهل يقبل كتاب القاضي بالثبوت أو الحكم من حاكم غير معين؛ مثل أن يشهد شاهدان أن حاكمًا نافذ الحكم حكم بكذا وكذا، القياس أنه لا يقبل بخلاف ما إذا كان الكاتب معروفًا؛ لأن مراسلة الحاكم ومكاتبته بمنزلة شهادة الأصول للفروع، وهذا لا يقبل في الحكم والشهادات، وإن قُبل في الفتاوى والإخبارات، وقد ذكر صاحب "المحرر" ما ذكره القاضي من أن الخصمين إذا أقر بحكم حاكم عليهما، خُيِّر الثاني بين الإمضاء والاستئناف؛ لأن ذلك بمنزلة قول الخصم شهد على شاهدان ذوي عدل، فهنا قد يقال بالتخيير أيضًا، ومن عرف خطه بإقراره أو إنشاء، أو عقد أو شهادة عمل به كالميت، فإن حضر وأنكر مضمونه، فكاعترافه بالصوت وإنكار مضمونه، وللحاكم أن يكتب للمدعى عليه إذا ثبت براءته محضرًا بذلك إن تضرَّر بتركه، وللمحكوم عليه أن يطالب الحاكم عليه بتسمية البينة؛ ليتمكن من القدح فيها باتفاق[2]؛ انتهى والله أعلم.
[1] فتح الباري: (13/ 137).
[2] الاختيارات الفقهية: (1/ 635).
p]de: gh dp;l Hp] fdk hekdk ,i, yqfhk p]de: dp;l
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ شموع الحب على المشاركة المفيدة:
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 07:51 PM
|