سنة السجود .!
وضَّح لنا ربنا عز وجل في كتابه الكريم أن مَنْ كان يرجو اللهَ واليومَ اﻵخر فعليه باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ اﻵخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [اﻷحزاب: 21]، واتخاذُ الرسول صلى الله عليه وسلم أسوةً يكون في كل اﻷمور، وأعظمها الصﻼة؛ لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما رواه البخاري عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رضي الله عنه-: ".. وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي..".
وهذا اﻻتباع يكون في شكل الصﻼة ومضمونها، وفي أدقِّ تفاصيلها، وكان من ذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه على اﻷرض في السجود بصفة معيَّنة يُسَنُّ لنا أن نُقَلِّدها تمامًا؛ فكان من هذه الصفة أنه يضمُّ أصابع اليدين وﻻ يُفَرِّجها؛ لما رواه ابن حبان -وقال اﻷلباني: صحيح- عَنْ وَائِلِ بنِ حَجَرٍ رضي الله عنه "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَكَعَ فَرَّجَ أَصَابِعَهُ، وَإِذَا سَجَدَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ".
وكان ﻻ يفترش يديه صلى الله عليه وسلم، بمعنى أنه ﻻ يجعل كوعه يلمس اﻷرض؛ بل يرفعه عنها؛ فقد روى البخاري عن أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قال: ".. فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَﻻَ قَابِضِهِمَا..". وروى مسلم عَنْ عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: ".. وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ..".
وكان يُباعِد بين يديه وجسمه، فﻼ يلصق الساعدين بالبدن؛ وذلك لما رواه مسلم عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "إِذَا سَجَدَ جَافَى حَتَّى يَرَى مَنْ خَلْفَهُ وَضَحَ إِبْطَيْهِ". قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي بَيَاضَهُمَا.
وكان يضع كفيه على اﻷرض في حذو الكتفين، فﻼ يتقدَّم بهما إلى مستوى الرأس، وﻻ يرجع بهما إلى مستوى الصدر؛ لما رواه أبو داود -وقال اﻷلباني: صحيح- عن أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: ".. ثُمَّ سَجَدَ فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ..".
فهذه صورة يديه وذراعيه صلى الله عليه وسلم في سجوده؛ فعلينا أن نقتدي بها، ولنا في كل جزئية منها حسنة، فﻼ تتركوا منها شيئًا.
وﻻ تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
skm hgs[,] >!
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|