سجلت الطالبة «مريم بنت مهدي المحزري»، موقفًا إنسانيًا نبيلًا، حيث تبرعت بكل مقتنياتها المالية وقيمة هدية جائزة نجاحها، إلى إحدى الجمعيات الخيرية، كصدقة على معلمتها التي توفيت مؤخرا. الطالبة «مريم المحزري» تدرس بالصف الرابع الابتدائي في مدرسة الجعدية الابتدائية للبنات، التابعة لمكتب التعليم بالمسارحة والحرث في منطقة جازان، وتوفيت معلمتها مطلع الأسبوع الحالي (إجازة نهاية الفصل الدراسي الثاني)، فلم يكن أمامها لمواجهة حالة الحزن والبكاء التي عاشتها على هذا الفراق المؤلم، سوى اتخاذ قرار مناسب تمثل في تبرعها بكامل المبالغ النقدية التي بحوزتها وجمعتها منذ سنوات في حصالتها الخاصة، وأضافت إليه قيمة هدية نجاحها المقدمة إليها من أسرتها، وتسليمها رسميًا لإحدى الجمعيات الخيرية التي تعتني ببناء المساجد في حدود الحرم المكي بمنطقة مكة المكرمة وتستقبل تبرعات أهل الخير. وأصرت الطالبة مريم، على تقديم عمل خيري باسم معلمتها المتوفاة وأسمته «وقف عن معلمتي رحمها الله»، وجاءت مساهمتها عن معلمتها بشراء أسهم في هذا المشروع الخيري، حبًا ووفاء لها وتقديرًا لمكانتها لديها، حيث استشعرت في معلمتها محبة الأم وحنانها، فكانت تعاملها مثل ابنتها تمامًا منذ التحاقها بالمدرسة في الصف الأول الابتدائي وحتى مضي أربع سنوات بما فيها فترة التعليم عن بعد عبر «منصة مدرستي»، وجاء هذا الموقف النبيل بدعم وتشجيع من أسرة الطالبة. من جانبه، قال والد الطالبة «مريم» لـ«عاجل»، إن ابنته تلقت خبرًا صادمًا يوم الجمعة الماضي بوفاة أفضل معلمة تدرسها طيلة سنواتها الأربع، نقلته لها أمها بعد تردد في إخبارها بهذا النبأ المؤلم خوفا على مشاعرها، ولإدراكها بأن ابنتها تربطها علاقة قوية جدا بهذه المعلمة الجليلة. وأضاف مهدي المحزري، أن ابنته لم تتمالك نفسها من قوة الصدمة، حيث انتابتها موجة من الأسى وانخرطت في بكاء شديد حزنًا على فراق معلمتها التي توفيت بعد يوم واحد فقط على انتهاء الاختبارات النهائية الأسبوع المنصرم، دون أن تعلم أن آخر يوم سيجمعها بمعلمتها المحبوبة سيكون يوم الخميس من الأسبوع الماضي، الذي شهد الاختبارات النهائية، وأن فراقا للأبد سيحل بينهما بوفاة معلمتها في اليوم التالي. وأشار والد الطالبة مريم، إلى أن جميع أفراد الأسرة بذلوا جهدا كبيرا في تهدئتها وإخراجها من حالة الحزن الشديد الذي مرت به وإعراضها عن تناول الأكل وكذلك فقدانها للنوم، الأمر الذي جعلهم يخشون عليها من الاضطرابات النفسية نتيجة الوضع الذي عاشته منذ سماعها لنبأ وفاة أعز معلمة لديها، فانتهجوا جميع الطرق والوسائل الهادفة واستطاعوا إخراجها من تلك الحالة النفسية السيئة.
وأضاف أن مريم توصلت إلى فكرة تكريم لمعلمتها بأسلوب تنال منه الأجر والثواب بعد وفاتها، ورأت بأن أفضل عمل ينسب إليها هو المساهمة بمبلغ مالي يتوافق مع الأعمال الخيرية، وبالفعل ساهمت في وقف خيري ضمن المشاريع الخيرية الرسمية المتعلقة بخدمات المساجد وتشييدها في حدود الحرم المكي بمنطقة مكة المكرمة، باسم معلمتها الفاضلة التي فارقت الحياة، ليكون بمثابة تكريم لها من طالبتها «مريم»، حيث كانت تعاملها كواحدة من بناتها.