السؤال:
بارك الله فيكم هذه السائلة أم عبد الرحمن تقول: أرجو من فضيلة الشيخ التكرم بإجابتي مأجورين تذكر أنها متزوجة منذ عشرين عاماً وخلال عشرة سنوات تقول: التزم زوجي فتغيرت معاملته معي ومع أبنائي، فمنعني من زيارة الجيران والأقارب والأهل، ويستدل لذلك بقوله تعالى: ﴿وقرن في بيوتكن﴾ وامتثلت لرأيه؛ ولكن لم نجد في مقابل ذلك ما يعوضنا عنه من معاملةٍ حسنة، ومن خروج في نزهاتٍ بريئة، وزيارات للأهل، والأقارب، وبتلك المعاملة القاسية كرهته أنا وأطفالي فما نصيحتكم لهذا الأب الذي يقول: إنني أرشدكم إلى الصواب، فهل هذا صواب يا فضيلة الشيخ أفيدوني، جزاكم الله خيراً؟
الجواب:
الشيخ: أقول لهذا الزوج: إذا صح ما نسبته هذه الزوجة إليه أقول له بارك الله له في التزامه وسدد خطاه، وثبته على التزام شريعة الله، وأقول له أيضاًً: إن من الالتزام أن يكون الإنسان لأهله خيراً، وأن ييسر لهم الأمور، وألا يشدد عليهم؛ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي». وكان عليه الصلاة والسلام يسابق عائشة، وكان صلى الله عليه وسلم يأذن لها أن تقف خلفه، وتنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون في المسجد، ولا شك أن إعطاء الأهل على الوجه الذي تطيب به نفوسهم على الوجه الذي لا يتنافى مع الشريعة لا شك أنه من الخير، وأشير على أخي هذا الملتزم أن يكون ليناً سهلاً مع أهله، وألا يمنعهم من شيء قد يكون في ذلك حساسية، لا سيما إذا منع الزوجة من زيارة أهلها وأقاربها؛ فإن ذلك منعٌ لها من صلة الرحم التي هي من واجبات الدين، وإذا كان يخشى عليها من الفتنة، إذا ذهبت فليذهب معها إلى هذا المكان وليبقى فيه ما شاء الله، ثم يرجع بها، وأما أن يمنعها منعاً باتاً؛ فإن هذا ليس بصحيح وليس من المعاملة الحسنة التي أمر الله بها، وأما استدلاله بقوله تعالى: ﴿وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى﴾ فالآية لا شك أنها صحيحة ثابتة؛ ولكن المراد بذلك ألا تكثر المرأة الخروج والبروز وإلا فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خيرٌ لهن. فنهى أن نمنع النساء من الذهاب إلى المساجد، وما زالت النساء في عهد النبي عليه الصلاة والسلام يخرجن إلى الأسواق، ولكنهن يخرجن على وجهٍ ليس فيه تبرج ولا فتنة، فلا تخرج المرأة متطيبة ولا متبرجةً بزينة، أما بالنسبة إلى المرأة فأشير عليها بالصبر والاحتساب وانتظار الفرج من الله، فلعل الله تعالى يهدي زوجها إلى ما فيه الخير والصلاح لها وله، فهذا السؤال يتضمن جوابين في الواقع؛ جواب موجه للزوج بأن لا يتشدد في هذه الأمور، وإذا كان يخشى الفتنة فليعمل الأسباب التي تمنع هذه الفتنة، وجواب آخر للزوجة فلتصبر ولتحتسب وبإمكانها بالنسبة إلى زيارة أهلها وجيرانها فبإمكانها أن تتصل عليهم بالهاتف، إذا كان في البيت هاتف.