تراهن جماعة على مائة ناقة لمن يغضب (معن بن زائدة) ويخرجه عن حلمه ..
فانطلق أحدهم ودخل المجلس ولم يسلم وقال لمعن بن زائدة وكان يومئذ واليا:
أتذكر إذ لحافك جلد شاة
وإذ نعلاك من جلد البعير؟!
فقال معن:
أذكره ولا أنساه والحمد لله ..
فقال الرجل:
فسبحان الذي أعطاك ملكا
وعلمك الجلوس على السرير!
فقال معن:
له الحمد والشكر على ما أعطى ..
فقال الرجل:
فلستُ مسلما ماعشتُ دهرا
على معن بتسليم الأمير
فقال معن:
السلام خير و لن أضر إن لم تسلم ..
فقال الرجل:
سأرحل عن بلاد أنت فيها ولو جار الزمان على الفقير
فقال معن: إن جاورتنا فمرحبا وإن رحلت فبالسلامة ..
فقال الرجل:
فجد لي يا ابن ناقصة بمال
فإني قد عزمت على المسير
فأعطاه معن ألفا ..
فقال الرجل:
قليلٌ ما أتيتَ به وإني
لأطمع منك في المال الكثير
فأعطاه ألفا أخرى ..
فقال الرجل:
فثنّ فقد أتاك الملك عفوا
بلا عقل و لا رأي منير
فقال:
أعطوه ألفين .. وقال: هل هدأ بالك يا أخا العرب؟!
فبكى وقال:
سألتُ الله أن يبقيك دهرا
فما لك بالبرية من نظير
فمنك الجود والإفضال حقا
وفيض يديك كالبحر الغزير
فقال معن:
أعطيناه أربعة على ذمه فأعطوه أربعة على مدحه ..
ثم اعتذر الرجل وقص عليه القصة وقال: خسرت أيها الأمير مائة ناقة .. فأمر له بالمائة لأصحاب الرهان وله بمائة غيرها