وافدات ينصبن شباكهن بـ"التسوُّل المقنع" لاصطياد الشباب
سلطان السلمي- سبق- جدة: أصبح التسوُّل ظاهرة للكسب السريع، ومنه ما اتخذ شكلاً "مقنعاً" لاصطياد ضحايا كثراً في دروب الرذيلة؛ إذ تنتشر هذه الأيام متسولات وافدات بمواقع يكثر فيها وجود الأسر والشباب، مثل الكورنيش والمتنزهات العامة، خاصة في مدينة جدة، ويظهرن بكامل زينتهن، على الرغم من صغر أعمارهن؛ وذلك لتسويق أنفسهن عبر التسوُّل؛ فهن مخالِفات لنظام الإقامة، واتخذن من الأحوشة العشوائية والمنازل القديمة مأوى لهن.
وما يزيد الأمر خطورة أن تلك الظاهرة سبق أن انتشرت في جنوب البلاد في مدينة أبها قبل فترة؛ إذ وُجدت متسولات من جنسية عربية في إحدى الحدائق، وأُصيب عدد من الشباب بـ"الإيدز" من جراء تلك الأفعال غير المشروعة بعد إيقاعهم من قِبل المتسولات.
"سبق" التقت إحدى الفتيات على الكورنيش الجنوبي بجدة. وقالت (ن. خ) البالغة من العمر 20 عاماً: "أتينا لأداء مناسك العمرة منذ فترة قريبة، وذهبنا إلى جدة للبحث عن لقمة العيش، ونظراً لتدهور الحالة والحروب القائمة في بلادنا أصبحنا مشرَّدات؛ وتوجهنا للتسول". مضيفة بأنها تعيش مع ثلاث فتيات من المنطقة نفسها بغرفة داخل حوش بأحد الأحياء العشوائية بجدة.
وعند سؤالنا عن لبسها الفاتن وزينتها قالت: "ملابسنا ليست من اختيارنا؛ فهي من فاعلات الخير، وأنا أحب أن أظهر بشكل لائق". وبمواجهتها عن بعض الفتيات من جنسيتها يمارسن بعض الأساليب غير الأخلاقية (الرذيلة)، وخصوصاً مع الشباب المراهقين، نفت ذلك، وقالت: "لا أعلم إلا عن نفسي. أما البقية فليس لي علاقة بهن، ولكن بعضهن تعرض نفسها مقابل 1500 ريال لليوم، ولكن لا أعلم أين أو من هن".
وافدات متسولات
وقال الشاب أحمد الزهراني، أحد مرتادي الكورنيش الجنوبي: "ألاحظ وجود عدد كبير من المتسولات (وافدات من جنسية عربية)، يختلطن بالمارة، ويتسببن في الإزعاج لنا. واللافت للنظر أنهن بكامل زينتهن، والعطور تفوح منهن؛ ما يجعل الشباب يقتربون منهن، وبعضهن يشتكين حالهن للعوائل، والشباب هم المستهدفون".
نوايا خبيثة
وذكر "علي البقمي" أنه في عيد الفطر الماضي، وعند تنزهه مع الشباب في الحديقة القريبة من المستشفى العسكري، وعند جلوسهم "ذهبت إلى سيارتي لجلب بعض الأغراض، وأتت فتاة جميلة، عمرها يقارب 22 عاماً، وكانت بكامل زينتها، وتطلب مني مساعدتها بالمال. ولما رفضت أصرت عليّ، واقتربت مني بكلمات استعطاف، وقالت لي: (ساعدني وسوف أعمل لك ما تريد)، حينها أيقنت أنها تحمل نوايا غير جيدة وخبيثة".
علاقة غير شرعية
وذكر أحد الشباب - فضل عدم ذكر اسمه - أنه وقع في علاقة غير شرعية مع إحدى الفتيات قبل شهرين بمقابل مالي، لا يتجاوز 1000 ريال، وقال: "كانت غلطة شيطان في ذلك الحين، وعند تذكيري من قِبل أحد الشباب بإصابة شابين بالإيدز في مدينة أبها خفت وقلقت كثيراً. حينها ذهبت إلى مستشفيات عدة، وكشفت على نفسي - ولله الحمد - أثبتت النتائج عدم إصابتي. وأحذر جميع الشباب منهن؛ فهن خطر على المجتمع بأكمله، وليس فقط الشباب".
المرافق مأواهن
وذكرت "فاطمة الصبياني" أنهن "يستخدمن المرافق الحكومية مأوى أو استراحة لهن، وعند دخولنا إلى دورات المياه تجدهن يضعن الفُرش والأطعمة داخلها؛ ما يشكل خطراً على النساء وأطفالهن".
وقالت إحدى المسؤولات عن نظافة دورات المياه النسائية إنها تعاني كثيراً من هؤلاء المتسولات؛ إذ يضايقنها بشكل شبه يومي، ويكثرن أوقات الإجازة الأسبوعية، مشيرة إلى أنه يجب على الجهات المختصة أن يبعدوهن؛ حتى لا يقمن بأعمال لا تُحمد عقباها.
حقوق الإنسان
وذكر المتحدث الرسمي باسم هيئة حقوق الإنسان في السعودية، الدكتور إبراهيم الشدي، أن "الهيئة ليست جهة مختصة بمثل هذه القضايا، وإنما نحن نتابع الجهات المعنية بها من ناحية التعامل معهن وفق الأنظمة ودراسة الحالات".
الجهات الأمنية
من جانبه، أوضح الناطق الإعلامي المكلف بشرطة منطقة مكة المكرمة، الملازم أول رائد بن محمد الصحفي، أن الأشخاص الذين يمارسون التسول في الشوارع والمرافق العامة تتعامل معهم جهات أمنية مشتركة، بالتعاون مع مكتب مكافحة التسول بالشؤون الاجتماعية، مؤكداً أن هذه الظاهرة تعد مخالفة صريحة للنظام، ومن يتم ضبطه ممارساً لهذه المخالفة من المواطنين أو المقيمين يتم التثبت من هويته وإحالته للجهات المختصة لتطبيق النظام بحقه.
"الهيئة": الظاهرة مسؤولية "مكافحة التسوُّل".. وتحركنا وفق بلاغات
وأكد المتحدث الرسمي باسم فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة، عبدالرحمن الجابري، أن "الهيئة ليست مسؤولة عن المتسولات في الأماكن العامة، مثل الكورنيش والحدائق، إنما هن مسؤولية مكافحة التسول؛ فهي من تقوم بالقبض عليهن والتعامل معهن. أما فيما يخص التجاوزات الأخرى مثل التحرش وعمل الرذيلة وغيرها فنحن نقوم بالتحرك وفق بلاغ يأتينا، ونتأكد من صحته فقط، ونقوم بالإجراءات اللازمة. ونحن لدينا جولات بشكل يومي على عدد كبير من الحدائق والمتنزهات".
"آل طاوي": "مكافحة التسول" بجدة تعمل وفق إجراءات نظامية
وأكد المدير العام لفرع وزارة الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة، عبدالله بن أحمد آل طاوي، أن "مكتب مكافحة التسول بجدة يعمل ضمن منظومة أمنية من جهات حكومية عدة، ومتى ما تم رصد المتسول يتم القبض عليه من قِبل اللجنة، فإن كان سعودياً تم اتخاذ الإجراءات اللازمة من قِبل وزارتنا حسب ما يثبته البحث الاجتماعي على الحالة، وإن كان مقيماً يحال إلى الترحيل، ومن ثم تتخذ بحقه الإجراءات النظامية من قِبل الجهات الأمنية المختصة. أما ما يتردد من ملاحظات أخرى أخلاقية فهذا يقع خارج دائرة اختصاصاتنا".