وهم أهل الإحسان إلى الناس بأموالهم على اختلاف حاجاتهم ومصالحهم من تفريج كرباتهم، ودفع ضروراتهم، وكفايتهم في مهماتهم، فهم أحد الصنفين في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا» متفق عليه
ومعناه: لا ينبغي لأحد أن يغبط أحداً على نعمة، ويتمنى مثلها إلا أحد هذين، وذلك لما فيهما من منافع، النفع العام، والإحسان المتعدي إلى الخلق، فهذا ينفعهم بعلمه، وهذا ينفعهم بماله، والخلق كلهم عباد الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعباده.
وهذان الصنفان أنفع الناس لعباد الله، ولا يقوم أمر الناس ولا يعمر العالم إلا بهما.
وقد مدح الله أهل الإنفاق في سبيل الله، وأثنى عليهم، وبين عظمة أجورهم فقال سبحانه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة: 274].
وقال سبحانه: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة: 261].
فهذه الطبقات الأربع من طبقات الأمة، هم أهل الإحسان والنفع المتعدي وهم:
العلماء والدعاة.. وأئمة العدل.. وأهل الجهاد.. وأهل الصدقة وبذل الأموال في مرضاة الله.
فهؤلاء ملوك الآخرة.. وصحائف حسناتهم متزايدة.. تملى بها الحسنات وهم في بطون الأرض.. ما دامت آثارهم في الدنيا.
فيا لها من نعمة ما أجلها، وكرامة ما أعظمها، والله يختص برحمته من يشاء، وهو أعلم حيث يجعل رسالته، والله عليم حكيم.