تصالحوا. يا جماعة تصالحوا
،/،
ما بين فرد ومسؤول وحاكم ومحكوم ورئيس ومرؤوس وأسرة وسيدها... ألف تساؤل وتساؤل صنعته الطبقية بين البشر، وثقافة "أنا الصح، ومن حقي إصدار الأحكام كما يحلو لي"!
في غياب قانون البشرية الذي ينص على أننا خطاؤون، وأن من الخير إصلاح الخطأ، يقال: "إذا أردت أن تصاحب شخصاً لا عيب فيه فلن تصاحب نفسك أبداً". هذه العبارة التي تحمل في طياتها أن النقص شرّ لا بد منه، منذ أن خلق الله أبانا آدم -عليه السلام- حتى اللحظة، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. هذا الميراث الذي يحترق كل يوم في بوتقة العولمة، ومع الأسف أصبحت ثقافة إصدار الأحكام والأوامر جامعة تخرّج العديد بشهادة امتياز مع مرتبة الشرف!
"أن تسيروا طوعاً لي، وإن كنتم مكرهين" أصبح فيروساً تفشّى في بعض العقليات، والتي هي في حقيقة الأمر تابعة وليست متبوعة، وتريد أن تعوّض هذا النقص بجرعة فيروسية قد تؤدي أحياناً بضعاف النفوس إلى القتل والتكفير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
في بيوتنا ومجتمعاتنا.. مشكلتنا أننا نختلف في كل شيء، ونتفق فقط حين يخطئ أحدهم أو تقع حادثة ما خارج إطار المتعارف عليه؛ لنهبّ جميعاً في مقاضاة المخطئ وإدانته، وكأن مهنة القضاء فرض عين! متناسين أنه حتى عند امتهان القضاء لا يعني أن الحكم الصادر سيكون دائماً صائباً وحكيماً.. وهذا مستمد من قول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ؛ رَجُلٌ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ فَعَلِمَ ذَاكَ فَذَاكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ لَا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَذَلِكَ فِي الجنة".
من هنا يجدر بنا أن نوسّع مداركنا ونفهم كيف ندمح الخطأ، ونحترم اختلافنا في كل شيء، ونعتمد ذلك في سياسة تطوير الأجيال القادمة كمنهج حياة إنسانية حقة مدركة تماماً عمق الاختلاف بين شخص وآخر في الطباع والتصرفات وحتى في المعتقدات؛ لكونها لا تسبب أَذًى للآخر، فالمحاسب هو الله وحده.
في الثقافة الأسترالية، عندما كانت ابنتي تذهب إلى المدرسة خلال فترة ابتعاثي لدراسة ماجستير تقنية النانو هناك، كانت تدرس اختلاف البشر كمنهج ضروري، ولَم تنفكّ صغيرتي تكرر ما تقوله المعلمة لهم في الفصل الدراسي في كيفية اختلافنا في الشكل واللون والسلوك والطباع، وحتى في طريقة تعبيرنا وما إلى ذلك.
المغزى: الواجب يعطيك الحق فقط في الإصلاح والنقد البنّاء كأسرة ومجتمع واحد؛ لتقويم الخطأ بذوق رفيع وأسلوب هين لين، بعيداً عن إظهار عيوب الآخرين ونقصهم، والطعن في سمعتهم ونياتهم. الله وحده الذي تفرّد بالنوايا، وصدق سبحانه وتعالى حين قال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ؟}.
لنعُدْ إلى القرآن؛ ففيه منهج حياة متكامل.
jwhgp,h> dh [lhum jwhgp,h jshlp,h jwhgp,h> [lhum