الموقع والمكان:-
تقع قلعة حمص فوق أحد التلال الأثرية والمدنية في مدينة حمص السورية، وهي ترتفع عن سطح البحر نحو 533 متراً.
كان يُطلَق عليها في العصر الإسلامي اسم قلعة أسامة ، وكانت تقع في الجهة الجنوبية من المدينة القديمة المسورة، وباتجاه زاويتها الجنوبية الغربية، ملاصقة للباب الذي يطلق عليه الباب المسدود.
بناء قلعة حمص وتشييدها:-
يعود تاريخ التل الذي توجد عليه القلعة إلى العصر البرونزي الباكر، ويتموضع فوق صخور رسوبية ملساء وبارزة بشدة.
هذه الصخور تشكل مصطبة ترتفع فوق سهل نهر العاصي.
ويبدو التل دائرياً، وقطره 275م، وارتفاعه 29م، وهو أعلى مصطبة في حمص.
أما تاريخ القلعة؛ فبقي مغموراً في العصور البيزنطية والرومانية، وكذلك لا توجد أي معلومات تتعلق بتاريخها في صدر الإسلام رغم الأهمية الكبيرة لحمص في ذلك الوقت.
والاعتقاد السائد أن المخطط العمراني للقلعة قد أضيف في العصر الروماني، حيث كان تلها مسكناً وملاذاً.
بعد هزيمة المغول أمام المماليك سنة 669هـ-1271م؛ قام الظاهر بيرس بإصلاح تحصينات قلعة حمص، وجعلها مركزاً احتياطياً ضد هجمات المغول المستقبلية.
كانت تحصينات قلعة حمص تضاهي تحصينات قلعة حلب رغم أنها أصغر منها، وقد تأثرت تحصينات القلعة بالتغييرات التي طرأت عليها منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى اليوم.
ولم يبق من التحصينات الإسلامية في قلعة حمص إلا بقايا جدران وأبراج في الجهة الشمالية من التل، لا يزيد ارتفاعها عن 3م، علماً أنها كانت أعلى من ذلك بكثير، وقد تلاشت أعالي السور والأبراج بالكامل في بعض الأماكن.
وقد كان مدخل القلعة في العصور الإسلامية وسط تحصينات وبوابة مقوسة في الشمال الشرقي قبالة المدينة، وهذه البوابة مسدودة الآن.
وإن نقطة الدخول لقلعة حمص اليوم هي بقايا طريق شديد الانحدار، ينعطف نحو جهة الشمال الغربي من التل، قاطعاً تراكمات أثرية وبقايا تحصينات.
والغالب أن هذا الطريق تم تشييده أيام العثمانيين وكذلك الجيش الفرنسي عند احتلاله لسورية.
وقد استخدم العثمانيون القلعة أيام السلطان سليم الأول سنة 1516م كموقع قيادة عسكرية كما فعل المماليك قبلهم، وسدوا (الباب المسدود) أسفل سورة المدينة،
وبعد قيام ثورة ضد إبراهيم باشا بن محمد علي؛ نُسِفت القلعة بين عامي 1831-1840م، ولم يبق من الأبنية إلا جامع السلطان الذي تلاشى بالكامل فيما بعد.
وجاءت القوات الفرنسية لتقوم بتخريب السور بشكل نهائي.
معالم القلعة اليوم:-
معالم قلعة حمص لا تظهر اليوم بسهولة؛ بسبب الأبنية الحديث المحيطة بها.
وهنا يقول الأمير محمد علي في كتابه «الرحلة الشامية»، وذلك بعد زيارته لقلعة حمص:
“وجدناها خربة، قد دمرتها يد الخطوب والحوادث، وحطمها كر الغداة ومر العشي، حتى لم يبق من معالمها الأثرية إلا باب أو بابان، لا أذكر تماماً.
ويضيف “ويُقال: إن جدنا المرحوم إبراهيم باشا هدم من ذلك الحصن جزءاً كبيراً عندما حارب الشام وخرج عليه أهل حمص وعصوا أوامره”.
وينهي قائلاً : “كنا نرى ونحن فوقها من أبنية المدينة، خصوصاً جوامعها وكنائسها وما يحيط بها ويتخللها من الأشجار والأنهار، مثل تلك المناظر الجميلة التي كنا نطل عليها تحت الجبال والحصون العالية في كثير من بلاد الشام”.