05-06-2021, 07:15 AM
|
|
|
|
أقسام الناس يوم القيامة وحال أهل المعاصي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فالناس بالنسبة إلى القيامة ثلاثة أقسام: قسم مؤمنون أتقياء فإلى الجنة، وقبورهم روضة من رياض الجنة يفتح لهم باب إلى الجنة يأتيهم من نعيمها وروحها وطيبها كما جاءت به الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
والقسم الثاني: كفار قد استحقوا عذاب الله وغضبه والسجن في دار الهوان وهي النار، فهؤلاء قبورهم عليهم عذاب، وهي حفر من حفر النار نسأل الله العافية ..... عذاب معجل.
والقسم الثالث: أهل المعاصي ليسوا بكفار وليسوا بمسلمين كمل أتقياء، بل لهم ذنوب ولهم معاصي، فهؤلاء أمرهم بين الأمرين؛ فقد يعذبون في قبورهم، وقد ينجون وهكذا يوم القيامة قد يعفو الله عنهم فيدخلهم الجنة لإسلامهم وتوحيدهم وما معهم من الإيمان بفضله سبحانه أو بواسطة الشفعاء من ملائكة وأنبياء وأفراط ونحو ذلك، وقد يعذبون في النار على قدر جرائمهم ثم بعدما يطهرون من خبثهم في النار ينتقلون إلى الجنة، هذه حال أهل المعاصي عند أهل السنة والجماعة .
أما الخوارج و المعتزلة فلهم رأي آخر، الخوارج يرون العصاة كفارًا ويرونهم مخلدين في النار نعوذ بالله، وهكذا المعتزلة ومن سار في طريقهم يرون من مات على الكبائر يرونه مخلدًا في النار ولا يخرج منها، ويحتجون بما ورد في الآيات والأحاديث من الوعيد مثل قوله : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، ومثل قوله ﷺ في الحديث الصحيح: إن على الله عهدًا لمن مات وهو يشرب الخمر أن يسقيه من طينة الخبال ، قيل: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار، أو قال: عرق أهل النار.
وأحاديث لعن الخمر وشاربها، كذلك حديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، الحديث. فيحتجون بهذه وأمثالها على كفر العاصي على رأي الخوارج وعلى خلودهم في النار على رأي الخوارج وغيرهم من أتباعهم كـالمعتزلة . أما أهل السنة والجماعة فيرون أن العاصي ليس بكافر خلافًا للخوارج، وليس بمخلد في النار خلافًا لهم وللمعتزلة، ولكنه معرض للخطر، وعلى خطر من وعيد الله قد يعذب في النار ويعذب في قبره، وقد ينجو بسبب أعماله الصالحة.
أما إذا تاب قبل أن يموت فإنه يلحق بالقسم الأول بالمتقين ويكون من أهل الجنة من أول وهلة إذا تاب توبة صادقة قبل أن يموت، لكن إذا مات ولم يتب فهذا هو محل الخطر، فهو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن شاء ربنا جل وعلا عفا عنه لإسلامه وتوحيده وإيمانه، وإن شاء ربنا عاقبه في النار على قدر الجرائم التي مات عليها ثم عندما يطهر ويمحص في النار يخرج منها إلى نهر الحياة، كما في الأحاديث الصحيحة أنهم يخرجون من النار وقد امتحشوا -قد احترقوا- فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم وكمل خلقهم نقلوا إلى الجنة.
هذه حال القسم الثاني وهم أهل المعاصي، وهم في الدنيا كذلك في قبورهم كذلك قد يعذبون وقد لا يعذبون، وقد ثبت عنه ﷺ أنه رأى شخصين يعذبان في قبورهما قال: وما يعذبان في كبير ، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وفي اللفظ الآخر: لا يستتر من البول يعني: لا يتنزه منه ولا يتحفظ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة.
هذا يدل على أن بعض العصاة قد يعذبون بمعاصيهم كالنميمة وعدم التنزه من البول، ومثل عقوق الوالدين، مثل أكل الربا و أشباه ذلك، وقد يعفو الله عنهم بأعمال صالحة أتوا بها ولتوحيدهم وإسلامهم فالله جواد كريم جل وعلا، وفي هذا المعنى يقول في كتابه العظيم: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فأخبر سبحانه أن الشرك لا يغفر لمن مات عليه، وأما من مات على ما دون الشرك من المعاصي فهو تحت مشيئة الله، إن شاء سبحانه غفر له بما معه من التوحيد والإسلام والأعمال الصالحات، وإن شاء سبحانه عذبه على ما معه من المعاصي؛ من زنا أو سرقة أو عقوق لوالديه أو أحدهما، أو قطيعة رحم، أو أكل ربا أو شهادة زور، أو رجم للمحصنة أو المحصن بغير حق، أو ما أشبه ذلك من المعاصي، فهو فيها تحت مشيئة الله، إن شاء مولانا سبحانه غفر له بأعمال صالحة قدمها أو بشفاعة الشفعاء أو بدعاء المؤمنين له، أو بغير هذا.
وإن شاء مولانا سبحانه عذبه في النار على قدر المعاصي التي مات عليها، وبعدما يطهر في النار ويمحص يخرج من النار ولا يخلد فيها خلود الكفار، لا، لا يخلد العاصي، قد يطول مكثه في النار عند كثرة أعماله السيئة، ويسمى خلودًا كما قال الله في حق القاتل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، قوله: خالدًا فيهَا يعني: خلود غير خلود الكفار، خلود له نهاية، وهكذا قوله سبحانه: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ [الفرقان:68-70]، قوله: (ويخلد) هذا خلود يليق بحال الشخص، فإن كان مشركًا فهو خلود دائم نعوذ بالله، لا يخرجون منها أبدًا، كما قال سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167].
وقال في الكفرة: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37]، هذه حالهم نعوذ بالله.
أما إن كان عاص كالزاني والقاتل فهذا خلوده طول الإقامة وله نهاية ينتهي إليها إذا كان لم يستحل المعصية بل فعلها هو يعلم أنه عاصي، يعلم أنه مخطئ ولكن فعلها لشيء من الهوى والغرض العاجل، فهو يعلم أنه مخطئ وأنه عاصي ولكن أقدم على المعصية، فهذا لا يخلد خلود الكفار ولكنه يخلد خلودًا يليق بجريمته وله نهاية، ثم يخرجه الله من النار برحمته . نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.
|
|
Hrshl hgkhs d,l hgrdhlm ,phg Hig hgluhwd Hr.hl hgluhwd hgkhs hgrdhlm k]hx
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
7 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل المشاعر على المشاركة المفيدة:
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 04:45 PM
|