أنواع الخوف
ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه سيّدٌ من سادات بني سعد، أرسله قومُه رسولاً إلى نبي الهدى، فما لبث أن عاد مسلماً، وعندما اجتمع مع قومه كان أوّل ما نطق به: "بئست اللات والعزى!" فأصابهم الجزع، وتملّكهم الجزع، وقالوا: "يا ضمام! اتق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون!" فأجابهم:" ويلكم! إنهما والله لا يضران ولا ينفعان، إن الله قد بعث رسولاً، وأنزل عليه كتابا أستنقذكم به مما كنتم فيه".
إن هذا الموقف الذي درات فصوله يوم أشرقت شمس الإسلام، ليُلقي بظلاله على عبادةٍ قلبيةٍ مهمة لها ارتباطاتها بالعبوديّة، ومسائل توحيد الألوهيّة، فمن المعلوم أن التوحيد يقتضي صرف جميع أنواع العبادة لله جلّ وعلا مهما كان نوعها: مالية أو بدنيّة، أو قوليّة أو فعليّة، في الوقت الذي يكون فيه صرف أي عبادةٍ لغير الله شركٌ لا يغفره الله تعالى ولا يقبل لصاحبه صرفاً ولا عدلاً: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا} (النساء: 116).
وإذا كان الخوف في حقيقته: توقّع حلول مكروه أو فوات محبوب كما يقول الجرجاني، فإن الكلام عن توحيد الله في هذا النوع من الشعور الإنساني مما قد يخفى معناه على بعض الناس، فلا يتصوّر كيفيّة تحوّل هذه الطبيعة البشريّة إلى عبادةٍ تًصرف لله تعالى، أو يلتبس عليه الأمر فيظنّ أنه إذا خاف شيئاً دون الله عز وجل فإنه يقع في الشرك الذي لا يحمل عنده سوى معنى واحد: خروج صاحبه عن حياض الدين، واصطفافه مع عبّاد القبور ومنكري الأديان في المقام والحال والجزاء، وهذا كلّه ناشيء عن قصورٍ في إدراك متعلّقات الخوف المختلفة، وبالتالي حكم كلّ واحدٍ منها.
فلذلك: كانت هذه الوقفة بياناً واستجلاءً لأنواع الخوف وأقسامه، وأنها مراتب لكل واحدٍ منها حكمه الخاص.
أنواع الخوف
في الحقيقة يمكن فرز الخوف إلى عدّة أنواع ستُذكر هنا تِبَاعاً، مراعين في ذلك الترقّي في درجاتها مبتدئين بما هو واجبٌ، وانتهاءً بما هو سببٌ في إخراج صاحبه من الملّة.
الخوف من الله تعالى
ليس هناك ما هو أعظمُ من الخوف المتعلّق بالله تقدّست أسماؤه وعزّ سلطانُه؛ لأنّه خوفٌ على وجه التعبّد والتذلّل، قائمٌ على أساس استحضار جلال الله عز وجل وعظمته وهيبته، والأصل فيه قول الله تعالى: { فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} (آل عمران: 175)، وقوله تعالى: {فلا تخشوا الناس واخشون} (المائدة: 44).
Hk,hu hgo,t
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|