الإيمان سبيل الإطمئنان .. يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإيمان سبيل الإطمئنان .. يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :
لما كنت في رحلة المشرق، و امتدت بي تسعة أشهر تباعاً كنت أفكر في بناتي
هل عرّاهن شيء؟ هل أصابتهن مصيبة؟
ثم أقول لنفسي: يا نفس ويحك، هل كنت تخافين لو كان معهنّ أخ يحنو عليهنّ
أو جد يحفظهنّ،فكيف تخافين و الحافظ هو الله، و لو كنت أنا معهن هل أملك
لهنّ شيئاً إن قدر الله الضر عليهنّ؟ فلا ألبث أن أشعر بالاطمئنان.
ودهمني مرة هم مقيم مقعد، وجعلت أفكر في طريق الخلاص
و أضرب الأخماس بالأسداس، و لا أزال مع ذلك مشفقاً مما يأتي به الغد
ثم قلت:
ما أجهلني إذ أحسب أني أنا المدبر لأمري و أحمل هم غدي على ظهري
و من كان يدبر أمري لما كنت طفلاً رضيعاً ملقى على الأرض كالوسادة لا أعي و لا أنطق
و لا أستطيع أن أحمي نفسي من العقرب إن دبّت إليّ، و النار إن شبت إلى جنبي، أو البعوضة
إن طنّت حولي؟ و من رعاني قبل ذلك جنيناً، و بعد ذلك صبياً؟ أفيتخلى الله الآن عني ؟
و رأيت كأن الهم ثقل كان على كتفي و ألقى عني، ونمت مطمئناً .
وباب الاطمئنان، و الطريق إلى بلوغ حلاوة الإيمان هو الدعاء، ادع الله دائماً،
و اسأله ما جلّ ودقّ من حاجتك، فإن الدعاء في ذاته عبادة، و ليس المدار فيه على اللفظ
البليغ و العبارات الجامعة، و ما يدعو به الخطباء على المنابر، يريدون إعجاب الناس
بحفظهم و بيانهم، أكثر مما يريدون الإجابة،
فإنّ هؤلاء كمن يتكلم كلاماً طويلاً في الهاتف ( التليفون)، و شريط الهاتف مقطوع،
بل المدار على حضور القلب، واضطرار الداعي، و تحقق الإخلاص، و رب كلمة عامية
خافتة مع الإخلاص و الاضطرار أقرب إلى الإجابة من كل الأدعية المأثورة
تلقى من طرف اللسان.
فإن أنت أدمت صحبة الصالحين و مراقبة الله، و لازمت الدعاء
وجدت ليلة القدر في كل يوم، ولو لم تـفد من هذا السلوك إلا راحة النفس،
ولذة الروح لكفى فكيف و أنت واجد مع ذلك سعادة الأخرى، و رضا الله .
hgYdlhk sfdg hgY'lzkhk hgY'lzkhk