استشرى التسول في أنحاء المملكة، ليتحول إلى ظاهرة مستعصية الحلول، حيث لم تكلل جهود القائمين على مكافحتها حتى الآن بالنجاح، ومع زيادة أعداد الوافدين والمتسللين بطرق غير مشروعة انتقلت ظاهرة التسلل إلى "منطقة عسير" وتنامت بشكل متزايد. وعلى الرغم مما تنشره وسائل الإعلام بين الحين والآخر عن ضبط الجهات المعنية أعداداً من المتسولين والمخالفين لنظام الإقامة، إلاّ أن التسول مازال في تزايد واضح، وتحت سمع وبصر الجهات المعنية، حيث لم تتخذ الإجراءات المناسبة للحيلولة من تفاقم الظاهرة المزعجة. ويُلاحظ انتشار التسول عند الإشارات المرورية وفي الأماكن العامة والأسواق، ليمدوا أيديهم ويسألوا الناس المال بأعذار غالباً ما تكون مُلفقة، من أجل الحصول على مبتغاهم، مستغلين مشاعر أفراد المجتمع الإنسانية وفطرتهم الدينية المحبة للصدقة وفعل الخير، حيث يستجدون عطف المارة في هذه المواقع، وغالبيتهم من إحدى الجنسيات الأفريقية، الذين حولوا الموقع إلى خلايا بشرية منتشرة ولافتة للنظر، في ظل ضعف تواجد الجهات الرقابية. "الرياض" تابعت الظاهرة عن كثب، والتقت عدداً من المواطنين الذين وجدوا في منبرها غايتهم المنشودة بعدما أعيتهم السبل، ووقفت قلة حيلتهم عائقاً أمام إيصال صوتهم للمسؤولين من أجل المساهمة في القضاء نهائياً على التسول.
محمد عسيري
عبدالرحمن عشقان
ضعف رقابة وكانت الجهات المعنية تتابع وترصد المتسولين وتعقبهم عند تلك الأماكن، خاصةً الإشارات والمنازل والمساجد ونحوها، لكن قلة الفرق الميدانية ولَّدت صورة عكسية ساهمت في عودة هؤلاء المتسولين بشكل أكبر، مما منحهم الأمان وشجعهم على التواجد بكثافة في أماكن يختارونها بعناية. وأوضح عدد من سكان المنطقة أن المتسولين يتواجدون من الثامنة صباحاً وحتى العاشرة ليلاً، حيث يبدؤون في ممارسة أنشطتهم بجذب الانتباه واستجداء العواطف، ويقسمون أنفسهم إلى فريقين، فهناك من يبدأ بالنزول للإشارات المرورية للشروع في المهمة المكلف بها، وينتظر الفريق الآخر تحت ظلال الأشجار لمراقبة الموقع ويقيمون الحالة الأمنية، ثم ينزلون بعد ذلك لممارسة مهنتهم المفضلة. تجارة رابحة وقال المواطن "محمد بن إبراهيم عسيري": إن للتسول أساليب مبتكرة أخذت في التنامي منذ أشهر من قبل أبناء بعض الدول المجاورة، مبيناً أن المتسولين يعدونها وسيلة من وسائل التجارة الرابحة بدون خسائر تذكر، مضيفاً: "يستدر هؤلاء عواطف المارة بوسائل مبتكرة، وقد يخبرك أحدهم أنه قدم من بلاده وليس لديه ما يقتات به أو يؤويه ويأمل أن تساعده بما تجود به نفسك ليعود إلى أهله وبلاده، أو أن يأتيك أحدهم بروشتة علاج، أو فاتورة كهرباء، أو تقرير طبي، أو صك تحمله مديونية موجبة السداد ويريد المساعدة، أو غير ذلك من أساليب التسول المختلفة". تزايد ملحوظ وأكد "عبدالرحمن بن سعيد آل عشقان" -مختص اجتماعي- على أن منظر المتسولين وتنامي أعدادهم برغم ما نقرأ عنه ما بين وقت وآخر من عمليات مداهمة الجهات الأمنية لأوكارهم يثير الرعب في النفوس، ويقلق المضاجع من هول ما يرون، مضيفاً أنهم متواجدون على الملأ وأمام أعين الجميع، مبيناً أن أساليب المكافحة التي نسمع عنها ولا نراها على أرض الواقع لم تنجح في محاربتهم والقضاء عليهم، بل على العكس تضاعفت أعدادهم إلى درجة لم تعد تُطاق، مشيراً إلى أنهم لا يعلمون لم يلجؤون، حتى يكفيهم شر تواجد المتسولين، ذاكراً أن هذه الظاهرة تؤدي إلى نوع من التشويه الحضاري لوجه المنطقة، وتشكل خطراً كبيراً على المواطنين وعلى مستقبل الأجيال القادمة. علامة تعجب وأوضح المواطن "محمد القحطاني"، -ضابط متقاعد- أن تنامي أعداد المتسولين بهذا الشكل المخيف لم يعد خافياً على رجال الأمن في بلادنا، ولا على الجهة المعنية بمكافحتهم، فهم متواجدون أمام الأعين في جميع الأوقات سواء عند إشارات المرور، أو في الأسواق، أو في المساجد، وما سواها من أماكن تجمع الناس، مضيفاً أن المعنيين بالمكافحة يشهدون على تنامي أعدادهم وأشكالهم المخيفة، إذ يمرون بهم ويرونهم سواء خلال ساعات عملهم، أو في فترات تنقلهم بعد الدوام الرسمي، متأسفاً إلى أن المتسولين لم يعودوا في حاجة إلى من يبلغ عنهم، مما يطرح أكثر من علامة تعجب، مطالباً الجهات المعنية بمتابعة الموضوع، والعمل قدر الإمكان على مراقبتهم، ورصدهم، ومن ثم القبض عليهم. إحصائية وأرقام وأشارت إحصائية مكافحة التسول إلى أن (99%) من المتسولين في مختلف أنحاء المملكة، أجانب من جنسيات مختلفة يتخفون بملابس مواطنين، وأن (90%) من هؤلاء الأجانب نساء وأطفال. وأكدت الإحصائية على أن نساء المملكة يقمن بالدور الأبرز في دعم المتسولات ومن يتاجرون بعواطف الآخرين، نظراً لما تتمتع به المرأة من مشاعر فياضة تدفعها للعطف على الضعفاء وذوي الحاجة، مشيرةً إلى أن ظاهرة التسول انتشرت في الآونة الأخيرة بصورة أكبر، بل وتغيَّر نمطها، حيث أصبحت تجوب المناطق باختلاف نسبها، كما تحولت من سلوك فردي مقتصر على أشخاص كانت الظروف أقوى منهم، إلى ظاهرة تديرها عصابات كبيرة لها فروع في مناطق عدة. وشكّلت مجموعات من المتسولين فرقاً للسرقة وإدارة الأعمال المشبوهة سلوكياً، وأصبحت تضايق المارة بالشوارع والميادين ونحوها، ووصل الأمر إلى مضايقة الأسر في المنازل، حيث تساءل البعض: إلى متى ستظل تلك الظاهرة منتشرة في المنطقة؟، حيث يزداد التسول يوماً بعد يوم، وما موقف الجهات الأمنية في منطقة عسير من هؤلاء؟.
الأطفال يُشكلون أغلب أعداد المتسولين
تدخّل الجهات الأمنية بالتنسيق مع مكاتب التسول يحد من المشكلة