1
الإنسان أحياناً يتوهم أن الله إذا أغناه ومتعه بالصحة، ورزقه بيت فخم، ومركبة فارهة، وعنده زوجة وأولاد، يتوهم أن الله يحبه..
وإنسان آخر الله حرمه، بيته بالأجرة، دخله محدود أقل من مصروفه، ليس لديه مركبة، بزواجه غير سعيد، عنده أولاد غير أبرار، يتوهم أن الله حرمه ولا يحبه !
هذان المعنيان ليسا صحيحين إطلاقاً
قال الله تعالى :
﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾
هذه مقولة الإنسان الذي رزقه الله، هذه دعواه، هذا توهمه، هذا تصوره .
ثم يقول تعالى :
﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾
هذه مقولة الإنسان الذي دخله محدود يقول : ربي أهاننِ
أما الجواب القاطع من الله عزَّ وجل للإثنين هو قوله تعالى : ﴿ كَلَّا ﴾
كلمة : ( كلا ) في اللغة العربية، أداة ردعٍ ونفيٍ
يعني يا عبادي، هذا كلامكم، هذا ادعائكم، هذا وهمكم .. ليس عطائي إكراماً، ولا منعي حرماناً
عطائي إبتلاء، وحرماني دواء .
يقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :
(( لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء ))
فإذا كان هنالك إنسان يتمتع بصحة طيبة، وله دخل كبير، وله بيت، وزوجة، وأولاد، هذه نِعم من الله ولا شك بذلك .
أما أن يتوهم أن الله أعطاه هذه النِعم لأنه يحبه فالجواب : ﴿كَلَّا﴾
بعض الناس يقولون : أن الله إذا أحبّ إنساناً أطلعه على ملكه، فيسافر هذا الإنسان شرقاً وغرباً في الأرض، ويرتكب كل أنواع المعاصي والآثام، ثم يتوهم أن الله يحبه لأنه عرّفه على ملكه !
الجواب : ﴿ كَلَّا ﴾
( الله يعطي الدنيا لمن يحب، ولمن لا يحب )
أعطاها لقارون وهو لا يحبه
وأعطاها لسيدنا سليمان وهو يحبه
أعطاها لفرعون وهو لا يحبه
وأعطاها للصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف وهو يحبه ..
فهذه الدنيا لا يمكن أن تكون مقياس محبة من الله، أو عدم محبة .