وتُعد "حسمى" منذ الأزل محطة على طريق التجارة القديم من وإلى جزيرة العرب، ومرت بها القوافل والركبان على امتداد الحضارات الإنسانية المتتالية؛ وهذا ما يفسر تنوُّع وكثرة النقوش الأثرية على صخور جبالها الشاهقة.
ويصف المؤرخون "حسمى" بالمدونة الزاخرة بالنقوش الثمودية التي تعود لأكثر من 2600 عام، كذلك الكتابات العربية لفترة ما قبل الإسلام وبعده في زمن مبكر، مرورًا بالعصور الإسلامية المتلاحقة؛ فلا يكاد يخلو جزء منها إلا ونقش الثموديون والعرب القدماء دلائلهم عليها، وجمَّل القدماء الأماكن بمختلف الخطوط، ولاسيما الكوفي منها، التي وثَّق القدماء من خلالها رحلاتهم وأحوالهم.
وتحتضن "حسمى" بين طياتها الكثير من الكتابات والنقوش، التي تدل على ما تضمه هذه المنطقة من إرث تاريخي ذي أهمية للباحثين في التاريخ وتطور اللغة العربية. وكان في الموقع السبق في اكتشاف بعض النقوش العربية التي عُرفت فيما بعد باللهجة الحسمائية، وهي لهجة عربية شبيهة باللهجة النبطية، وتعد أول كتابة عربية ترتبط فيها الحروف ببعضها، كالخط الكوفي. ويشبه الحرف الحسمائي الحرف الصفائي إلا أنه متميز عنه بموقعه وتاريخه.
كما تحمل تلك الشواهد الموغلة في القِدم إرثًا يستنطق جانبًا من تاريخ جزيرة العرب ولغتها الخالدة.