تعريف الصفة إنّ الحديث عن إعراب الصفة والموصوف في اللغة العربية يقتضي أن يتبين الباحث تعريف الصفة وحدودها بناء على ما ورد في كتب النحو والإعراب، وممّا هو جدير بالذكر قبل ذكر تعريف الصفة أن يتضح للباحث أن الصفة تسمى في بعض الكتب النعت وفي غيرها صفة، والبعض يرى أنه ثمة فارق بينهما، وهو أن النعت يعد تابعًا، بينما الصفة لا تعد من التوابع، والبعض يرى أنه لا فرق بينهما، وفي تعريفها ورد أن النعت تابع متم لما سبق، وذلك بوصفه.
ومن تعريفات النعت أنه: التابع المكمل لمتبوعه؛ ببيان صفة من صفاته،
نحو: التقيت بطفلٍ صغيرٍ، وهذا يسمى نعتًا حقيقيًا، أو من صفات ما تعلق به، وهو نعت سببي،
نحو: التقيت بطفلٍ كريمٍ والده، ومن خلال هذا التعريف يتبين أن النعت أو الصفة لا يأتي لوحده بل يكون مرتبطًا باسم قبله، في المعنى وفي الإعراب، ولذلك عند الحديث عن الإعراب لا بد من توضيح إعراب الصفة والموصوف معًا وليس واحدًا منهما، وذلك لأنهما كالشيء الواحد من جهة المعنى.
أوجه المطابقة بين الصفة والموصوف إن ما ورد من تعريف للصفة، وبيان لمعنى كلمة التوابع، يؤكد أن الصفة مرتبطة بالموصوف السابق لها، وتابعة له، وهنا لا بد أن يتضح أنه ثمة فرق بين النعت الحقيقي، والنعت السببي، فالنعت الحقيقي لا بد أن يوافق المنعوت الذي قبله في أمور أربعة، وهي الإعراب، والتعيين، والنوع، والعدد، ومن الأمثلة على هذا النوع من النعت: جاءت غيمةٌ ممطرةٌ، وهنا يمكن ببساطة تحديد أوجه التطابق فالموصوف والصفة مرفوعان، وكلاهما نكرة، وكلاهما مؤنث، ومفرد، وهذا المقصود بأوجه التطابق بين النعت والمنعوت أو الصفة والموصوف، وفيما يتعلق بإعراب الصفة والموصوف فسيكون واضحًا بعد الاطلاع على كافة تفاصيل أوجه التطابق بينهما.
أما إذا كان النعت أو الصفة سببيًا فإن التطابق بين الصفة والموصوف يكون مقتصرًا على أمرين أساسيين وهما الإعراب، والتعيين؛ أي التعريف أو التنكير، ومن الأمثلة عليه: يحب الناس رجلًَا مُتقنَةً أعمالُه، فكلمة "متقنة" نعت أو صفة للرجل ولكنه يسمى نعتًا سببيًا؛ وذلك لأنه من صفات ما تعلق بالموصوف وهو "أعماله"، ويلاحظ القارئ التطابق بين الصفة والموصوف في الإعراب والتعيين، فكلاهما منصوب وكلاهما نكرة، هذا ما يخص أوجه التطابق بين الصفة والموصوف، وفي ما هو آت ستتضح فكرة إعراب الصفة والموصوف.
إعراب الصفة والموصوف أما بعد أن صارت أغلب الأفكار المتعلقة بالصفة والموصوف واضحة وجلية يمكن الآن تبيان إعراب الصفة والموصوف، وتوضيح إذا ما كان لهما إعراب واحد أم لا، وبعد العودة إلى المراجع والمصادر وأمهات الكتب تبين أن الصفة لا إعراب ثابت لها وكذلك الموصوف، وبناء عليه يمكن القول في إعراب الصفة والموصوف أنه لا إعراب ثابت لهما، فالموصوف يُعرب حسب موقعه من السياق الكلامي.[٤] فقد يكون فاعلًا مرفوعًا، أو مبتدأ، أو خبرًا، أو مفعولًا به منصوبًا، أو اسمًا مجرورًا، أو أي نوع من أنواع الأسماء، والصفة ستتبعه في الإعراب فإن كان مرفوعًا تُرفع الصفة، وإن كان منصوبًا تُنصب، وإن كان مجرورًا تُجر، وهكذا، ومن الأمثلة على ذلك قول أحدهم: ارتفع العلمُ الأبيضُ ليدلّ على إعلان السلام بين البشر. العلمُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والأبيض: صفة العلم مرفوعة مثله وعلامة رفعها الضمة الظااهرة على آخرها، والأمثلة التي تبين إعراب الصفة والموصوف كثيرة ومتعدّدة، ويمكن العثور عليها في مختلف أنواع نصوص اللغة العربية.[٤] أمثلة على إعراب الصفة والموصوف أكثر ما يساعد الباحث والسائل عن قواعد اللغة العربية،
والمتبحر في تفاصيلها هو الأمثلة والشواهد الواردة عن هذه القاعدة أو تلك، ولكي تزداد فكرة إعراب الصفة والموصوف وضوحًا يمكن عرض الشواهد من القرآن أو الحديث إضافة إلى الأمثلة الشعرية أو النثرية من كلام العرب، والتي تبين طريقة استعمال الصفة والموصوف، والتطابق بينهما، وما يتعلّق بفكرة إعراب الصفة والموصوف أيضًا، ومن هذه الشواهد: قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}
قرآناً: حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها، عربيًا: صفة منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها. قوله تعالى: {قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}
شيئًا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، إمرًا: صفة منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها. قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}
عذاب: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، مهين: صفة مرفوعة وعلامة رفعها الضمة الظاهرة على آخرها. قول شمر الحنفي:
وَلقدْ مررْتُ على اللّئيمِ يسبُّني فمضيْتُ ثُمَّت قُلْتُ لا يعْنينِي اللئيم: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره،
يسبني: جملة فعلية فعلها مضارع، ويقال في إعراب الجملة أنها جملة فعلية في محل جر صفة اللئيم.
قول جرير: إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
العيونَ: اسم إن منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره،
التي: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة العيون.