هل جربتَ
يوماً أن تتجرد من أهوائكَ
وملذاتكَ التي تتجاوز في سبيل تحقيقها كل مبدأ ؟
هل جربتَ
يوماً أن تخلع رداء الكبرياء
والعظمة الذي ترتديهِ على مجدٍ وهمي ؟
هل جربتَ
يوماً أن تخفض رأسكَ قليلاً
لتنظر إلى حيث تحط خُطاكَ
بدل أن تتعب بصرُكَ بالتطلع إلى عز كاذب ؟
هل جربتَ
يوماً أن تصارح نفسكَ وتقنعها
أنكَ لست كاملاً وأن لديكَ أخطاء لابد من إصلاحها سريعاً ؟
هل جربتَ
يوماً أن تتخلى عن العرش الذي تجلس عليه منذ أن ولدتْ
لتعلم أنكَ لستَ الأفضل وأن قبيلتكَ ليست الأكرم وأنفكَ ليس الأعلى ؟
هل جربتَ
يوماً أن ترفع يديكَ إلى ربكَ
لتعترفَ أنكَ مُحتاجٍ دائماً إليه ومتى استغنيتَ عنه فقد هلكتْ
هل جربتَ
يوماً أن تبكي ﻷنّـةِ جريحٍ
وزفرةَ مكلوم ودمعةَ مريض ؟
هل جربتَ
يوماً أن تتألم لشكوى مظلوم
وفضفضة محروم ؟
هل جربتَ
يوماً أن تحترم المناضل ولو كان فقيراً
والشُجاعُ ولو كان صغيراً والناجح ولو كان ****اً ؟
هل جربتَ
يوماً أن تغير النظارات التي تريكَ العالم
على غير ما يكون
فلا تنظر إلى الفقير المتعفف إلا نظرة إكبار لا إشفاق
وإلى المبتلى المتفائل نظرة إجلالٍ لا عطف
وإلى المسكين المثابر نظرة إعظامٍ لا احتقار ؟
هل جربتَ
يوماً أن تكون بستاناً وارفاً
لمن لفحتْ سموم الحياةِ وجهه حتى ذاب
أو ينبوعاً متدفقاً لمن أنهكهُ المسير على الدروب المتعثرة حتى جف ريقه ؟
هل جربتَ
يوماً أن تكون ضماداً
لذلكَ الجريح الذي لم تمهله الدماء المنثالة أن يستعيد عافيته
أو مسكناً لذلكَ المتألم الذي لم تسعفه الحياة أن ينسى مرارة العيش
أو ملجأً لذلكَ الكسير الذي عز عليه أن يلملم أجنحته المتهالكة ليطير من جديد ؟
هل جربتَ
يوماً أن تمنح الآخرين حبكَ واحترامكَ
والحياة عطاءكَ ومشاركتكَ
ونفسكَ قدرها وحقها ؟
أيها الإنسان المتجرد من العواطف
المتخلي عن القيم
العابس إلى الحياة
المتجهم للآخرين ..
هل عرفتَ الحياةَ كما ينبغي
بل هل جربتَ
يوماً أن تكون إنساناً ؟