يعتبر وصل الرحم أحد العبادات التي قد أوجبها الله سبحانه وتعالى على المسلمين، حيث أن المجتمع الإسلامي لابد من أن يتّسم بالترابط، وعندما يؤدي كل شخصٍ ما وجب عليه من صلة الرحم وقتها سيصبح المجتمع المسلم كالنسيج.
قطع الرحم
للأسف في وقتنا الحالي وقع بعض الناس في مغبّة الظلم بقطَعه رحمه، حيث أخذت تمر عليه الأيام، والشهور، وفي بعض الأحيان السنين، ولم يقم بزيارة أقاربه، ليس هذا فقط بل لم يحاول حتي أن يصلهم، أو يطمئن عليهم، وهذا ما حذر منه الله تعالى، حيث قال في سورة محمد (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ – أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).
أسباب قطيعة الرحم
يعد انعدام التقوى، وقلة التمسك بالدين لدى الإنسان أحد أسباب قطع الرحم، لأن ما سبق يجعله لا يعي خطورة قطع الأرحام وعقوبتها.
الانشغال بالدنيا، وما بها من ملهيات متعددة، هذا كما يدخل الشيطان للنفس البشرية من باب التكبر على الأخرين مما يصيب الفرد بالقسوة وينتج عنها قطع الرحم.
هذا بالإضافة إلى الغلظة في القول على الرحم عند زيارته بمطره بوابل من اللوم، والعتاب على قطعه صلة الرحم مما يصيب القريب بالحزن، فينقطع عن الزيارة نهائيا بدون سبب، لذلك وجب الترحاب بالزائر دون تعنيفه.
على الرغم من أن الله تعالى قد قام بفتح سبل عديدة أمام الإنسان ليتمكن من صلة رحمه، حتي لا يكون هناك أي مشقة على الراغبين في وصل رحمهم، فإن البعض يقطعون هذه الصلة ويفقدون بذلك الثواب، ويجلبون لأنفسهم العقاب في الدنيا والأخرة.
هناك مظاهر عديدة لقطع صلة الرحم من بينها:
يكون بقطع الشخص الزيارة عن أقاربهم القريبون منه من خلال التكاسل عن زياراتهم، أو عدم مشاركتهم أحزانهم قبل أفراحهم.
أن يقوم الشخص بقطع الاتصال برحمه سواء بشكل مباشر أو من خلال الوسائل الحديثة للتواصل، والتي تنفع في تقريب المسافات والتواصل مع الأقارب الذين يمكثون في مناطق بعيدة صعب الوصول إليها.
وتكون كذلك عن طريق قطع الشخص الصدقة عن المحتاجين من أرحامه، حيث أن بعض الأرحام في بعض الأوقات يكونون في عوز وحاجة، وهناك قريب لهم غني فمن باب أولى أن يتصدق الغني على قريبه المحتاج.
ويكون أيضا بالبخل على الأقارب بتقديم أبسط الهدايا على الرغم من وجود المال معهم، فالهدية تجلب المحبه للقريب وتدخل السرور لنفسه حتي لو كانت قليلة.
يكون كذلك من خلال العمل على التفريق بين الأقارب، وكذلك العمل على بث الفرقة بينهم، وتقسيمهم لأحزاب و فرق.
عدم دفع البلاء، والضرر عن الأقارب على الرغم من توافر القدرة على ذلك، فهناك بعض الأشخاص ممن يمتلكون مناصب وسلطاتٍ تخولهم لدفع البلاء، واامصائب عن أقربائهم.
تقديم النصح والدعوة لمن هم غرباء ونكرها على القريب على الرغم من أن الأقربون أولى بالمعروف.
عقوبة قطع صلة الرحم
قطع الرحم من أهم الأسباب في سخط الله سبحانه وتعالى على عباده.
كما أنه يكون سبب من الأسباب القوية لدخول العبد النّار، والعياذ بالله؛ حيث ذكر في حيث شريف على لسان الحبيب المصطفي أن قال(لا يدخل الجنّة قاطع رحم).
قطع صلة الرحم تعد من الأعمال الخطيرة التي يعجّل الله سبحانه و تعالى لمن يقوم بها العقوبة بالدّنيا، إضافة لما يدخره له من عذاب شديد يوم القيامة، فلقد ذكر حديث شريف عن ذلك قيل فيه: ( ما من ذنب أجدر أن يعجّل الله تعالى لصاحبه العقوبة مع ما يدّخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرّحم).
عقوبة قطع الرحم – كيف يكون قطع الرحم
أهمية صلة الرحم
تتمثل أهمية صلة الرحم في عدّة نقاط، منها:
صلة الرحم من الأسباب الجالبة للرزق، وزيادته، وجلب البركة في الصحة والعمر، حيث أن المسلم الواصل لرحمه يلمس ذلك في حياته، وماله، وتجارته، وولده.
يبارك الله سبحانه وتعالى لواصل الرحم في ماله، ورزقه، وما يخلفه من خيرًا، وعمل صّالح، حيث أن تخصيصيه جزء يسير من وته، وماله لوصل رحمه يعود عليه بثواب من جنس العمل، حيث يرضى عنه الله ويعوضه خير بالمقابل.
صلة الأرحام سبب من أسباب دخول الجنّة، (حيث جاء رجل للحبيب المصطفي- عليه الصّلاة والسّلام- يسأله عن أي الأعمال التي يقوم به تكون سببا في دخوله الجنة، فذكر له النّبي الكريم عدّة أعمال جاء من ضمنها صلة الرحم).
تعد صلة الرحم من الأسباب المهمة لشيوع الود، والمحبّة بين النّاس، حيث يعتبر من السلوكيات التي تحقق الأمان الاجتماعي فيما بينهم.
هذا كما تعتبر صلة الأرحام من الموجبات الدالة على قبول الأعمال للعبد عند الله تعالى، ويعود ذلك لأنّ الأعمال تعرض كل يوم خميس على الله تعالى، فالشخص القاطع لرحمه لا يقبل منه عمل.