كان البحر هائجاً ومرتفع أمواجه فتلك الخطوات مبعثرة علي الرمال التي تحاذي الشاطئ وتقترب منه . فالأمواج التي لم تعرف اليأس لترتطم بالصخورالصامدة فنظرت لهذا المشهد متعجباً لعلى أجد جواباً لتساؤلاتي التي تُحيرنى عن تلك الخطوات وهذا المشهد فتتبعتها حتى قادتنى للبحر ففكرت في حينها ثم توقفت عندها متأملاً ذلك فتفهمت بعض من أمرها ثم ردفتُ راجعاً بخطاى للوراء ومازال ناظرى يتتبعها ويلحقها فرسمت في ذهنى شئياً غامضاً قد احترت له فبقيت مابين المشاهدة وتصوراتى لها ظناً إننى سوف أصل الي شئٍ ما .
******
فتلك الخطوات كان صاحبها قد يأس من أمرما ما أدت به الي تلك الأعماق التي لا تعرف
النجاة فهى تلتهم كل من دخل الى اعماقها فهى لا تفهم اكثر من كونها هكذا وهذا ماعبرته لي الخطواتهِ فأظنُ إن صاحبها كان حائراً غير مكترث بتلك النداءات التى فى أعماقه فقد تكون هناك صراعات في داخلهِ بسبب قد اخذ منه تفكيراً عميقاً تحت تلك الشجرة ولكن ظل الشى الذى يجذبه ويركز اهتمامهِ عليهِ واصرارهِ له هو يريد الخروج من واقعه الذى كان به والتخلص من العذاب الذى جثم عليهِ ظناً منه انه سيجد حلاً لذلك .
******
فنظرتُ من حولي لعلي أجد شيئاً يرشدني ويدلني علي صاحبها وما كان به فتتبعتُ أثاره فقادتني الي بداية مسيرتهِ فكانت بدايتهِ أمام تلك الشجرة الباسقة المخضرة الأوراق ذات البريقٍ الجميل اللامع تكسو أعلاها ازهار باللون الاصفر الجذاب وبرغم علوها وبُعد وُرُودها ظل جالساً تحت ظلالها ناظراً لها وهذا أثر راحتيه علي الرمال عندما كان ُيفكروبقبضته وردة ذات لون أحمر مختلف تماماً عن تلك اعلىَّ الشجرة فظل متأمل ذلك البعد أنتظاره حتى ذبلت بيده. وبِمتكائهِ فأعتدل وقفاً فسقطت منه غير منتبه لها فهى لم تعد كما كانت متفتحة ذات اشراقة جميلة ورائحة زكية فتركها ومضي في سيره و فى ألاتجاه الذي يريدهُ ولا أعلم الأمر الذى أزعجهُ ثم عَدَلَ عن عزمهِ عن ذلك لأن الأثر واضحاً تماماً فى وقفتهِ والتفاتتهِ نحو جلستهِ ثم حَدَّقَ بتلك الوردة الحمراء الذابلة التى اصبحت اقرب للرمال منه ثم طأطأ براسه ومع ذلك تساقطة من عيناه الدموع فهل كان هو السبب الذى جعلها تذبل وتختفى معالمها الجميلة ثم ندَّم نفسهِ كثيراً ولم يفهم ان كل شى سوف ينصلح وينعدلويكون على ما يرام ولكنه كان غافل قد سيطرت عليه دوافع اخرى وتوالدت في نفسه تلك الصراعات فَفضل المضى والخروج من حاله الذى ازداد الماً فعدم الدراية للاقدار لم تكتمل عنده فقد افرط كثيراً بتندمه وحزنه الشديد عليها فأظنهُ كان يريد ان ترجع تلك الوردة على ما كانت عليه او تكون على حالها وهذا شئ في نظره مستحيل ان يكون ثم مضى بتصميمه وعدم تراجعه الي مبتغاه وهدفه
******
وهنا بدات قصتهِ فلم تكن خطواتهِ الباقية بها شي من التفكيروالتدبير بل كانت خطوات حائرة ببدايتها ثم مصرة في اتخاذ قرارها يقوده عدم التعقل والادراك والتريث والاتزان من بعد ذلك وأثناء المضى الي هدفهِ توقف قليلاً وهنا جثم علي ركبتيه للتراب كان اقرب له ولا أعرف ما كان يقصده باقتراب وجهه للرمال هل كان يبحث عن ضالته ? أوإنه أراد أن يقبل هذه الرمال لعل هذه النقطة التي توقف عندها أكانت له ذكرى أراد أن يودعها أيضاً ؟ ثم بيديه أخذ بعض من الرمل وأحتضنهُ ثم تنفس بعمق فنهض ولم يلتفت للوراء وبخطوات مستقيمة ثابته قد شق مياة البحر فالتهمته أمواجه العاتية بدون رحمة فمضى الى أعماقها نادماً عن شئ قد تعرفت عليه من خلال خطواته