عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”إنّ الله حرّم عليكم عقوق الأمّهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكرّه لكم قيل وقال، وكثرة السّؤال، وإضاعة المال” رواه البخاري.
قيل وقال: هما إمّا اسمان، يُقال كثر القيل والقال. وإمّا: مصدران لقال يقول؛ والمُراد كثرة الكلام المفضي إلى الخطأ والزّلَل، وكرّر للمبالغة في الزّجر عنه. وإمّا فعلان محكيان، والمُراد حكاية أقاويل النّاس والبحث عنها ليحدّث بها. فيقول: قال فلان كذا وقيل كذا.
هذا التّوجيه اللغوي، أمّا المعنى؛ فقال إمامُنا مالك رحمه الله تعالى: ”قيل وقال: هو الإكثار من الكلام والإرجاف، نحو قول القائل: أعطي فلان كذا ومنع من كذا، أو الخوض فيما لا يعني”. وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: ”المراد به حكاية شيء لا تعلم صحّته؛ فإنّ الحاكي يقول: قيل وقال”. وقال الإمام ابن التين المالكي رحمه الله: ”يراد به حكاية أقوال النّاس وأحاديثهم والبحث عنها لينمي؛ فيقول: قال فلان كذا وفلان كذا، ممّا لا يجرّ خيرًا، إنّما هو ولوع وشغب، وهو من التجسّس المنهي عنه”.
وأمّا الأضرار النّاتجة عن هذه الظّاهرة الخطيرة فهي كثيرة، منها ما أجمله العلامة عبد الرّحمن بن ناصر السّعدي في قوله: [إنّ ذلك من دواعي الكذب، وعدم التثبُّت، واعتقاد غير الحقّ. ومن أسباب وقوع الفتن، وتنافر القلوب. ومن الاشتغال بالأمور الضّارة عن الأمور النّافعة. وقلَّ أن يسلم أحدٌ من شيء من ذلك، إذا كانت رغبته في القيل والقال].
ولا يخفى أنّ هذه العادة السيِّئة قد شاعت بين كثير من النّاس وألِفوها مع ما فيها من أضرار وعصيان، وازداد الطين بلّة في هذا الزّمن الّذي هو بحقّ زمن الثّرثرة، فالإنسان ما ينفك فيه أن يكون متكلّمًا: في المقاهي.. في مقاهي الإنترنت.. في شبكات التّواصل الاجتماعي.. في الهاتف.. في الجرائد.. في الفضائيات.. في المنتديات.. في الجلسات الفارغات.. ممّا أسقط هيبة الكلمة، وأسقط الهيبة منها، وجرّأ النّاس على القول والتّمادي في القول بلا حساب ولا خوف من عقاب! و(قيل وقال) هي القاطرة الّتي تجرّ باقي آفات اللّسان الموبقات الّتي منطلقها وأساسها الاسترسال في القول والإكثار من الكلام!
وقد جاء في حديث آخر قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”بِئْسَ مَطِيَّةُ الرّجلِ زَعَمُوا” أخرجه أبو داود. وفي هذا إشارة إلى أنّ (زعموا.. قالوا.. راهم يقولوا...) هي آلات لإشاعة الزُّور والبُهتان ولغو الكلام، كما أنّ المَطِيَّةَ آلةٌ لقطع السّفر. فالمسافر الّذي لا يريد أن يمشي على رجليه، يركب مطيّة ميكانيكية أو حيوانية. وكذلك مَن أراد أن يكذب، ولا يَحْمِلُهُ على نفسه، يقول: (زعموا.. قالوا.. راهم يقولوا...) فينشر الكذبَ بين النّاس ويشيع بينهم الإشاعات والمبطلات؛ ولهذا قال النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ”كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ” رواه مسلم. فالّذي يخوض في قيل وقال لا ريب يسقط من حيث درى أو لم يدرِ في الكذب والبهتان، وهذا ما لا يليق بمسلم بل لا يليق بعاقل!. {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
lJJJJJJJk NthjkJJJJJJJJJJJJJh>> rdJJJJJJJJg ,rJJJJJJJJJJhg NthjkJJJJJJJJJJJJJh lJJJJJJJk ,rJJJJJJJJJJhg rdJJJJJJJJg