يقول الشيخ صالح المغامسي حفظه الله في دروسه في التفسير:
الفرق بين كلمة (رب) وكلمة (إله)
قال الله تعالى
{يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ}
(النحل:2)
هذا {لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ} - كما يقول الرب تبارك وتعالى - هذا توحيد الألوهية ونفس الشيء {فَاتَّقُونِ} دعوة إلى توحيد الألوهية
لكن الفرق أن الأول به عرَّف الله تبارك وتعالى، وقلنا إن كلمة (رب) تفيد توحيد الربوبية، أما كلمة (إله) تفيد توحيد الألوهية
وقلنا مراراً إن الله جل وعلا لما كلم موسى وموسى قدم يبحث عن جذوة من النار - والله يربي عباده على التوحيدين - فلما قدم موسى ليلتمس جذوة من النار - وهو لا يدري أنه نبي ولا أنه موسى الذي سيصبح كليم الله أو صفيه كل هذا كان موسى عليه السلام يجهله - فجاء خائفاً يرقب هذه النار، فالله جل وعلا قبل أن يُملي عليه توحيد الألوهية - وهو مطلب الرب جل وعلا من خلقه - قال له تبارك وتعالى
{...يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ...}
فأشعره بالطمأنينة
الآن لم يطلب منه أي طلب
لأنه لما قال له: {أَنَا رَبُّكَ} كما يقول لك أبوك وأنت ضائع: أنا أبوك أنا أخوك الأكبر أنا رئيسك أنا مديرك أنا أميرك حتى تشعر بالطمأنينة
فقال له ربه جل وعلا: : {أَنَا رَبُّكَ} فشعر موسى بالطمأنينة لأنه لا يوجد تكليف
{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} لما شعر موسى بالطمأنينة
طلب منه الله جل وعلا أن يعبده قال الله جل وعلا
{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} الآن أعطاه توحيد الألوهية قال
{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} بعد أن مهد بتوحيد الربوبية
قال الله تعالى في أول سورة العلق
{اقرأ باسم ربك الذي خلق}
الرب الله جلا جلاله إذا وصف وتحدثنا عنه بأنه رب أو ذكر بأنه رب فإنما يعنى بهذا الذكر عناية الله بالخلق
وإحاطته ورأفته ورحمته جل وعلا بخلقه
لأن رب كل شئ صاحبه وهو جل وعلا رءوف رحيم بخلقه رباهم بالنعم وأوجدهم من العدم من قبل
فلهذا ذكرت كلمة (رب) ولم تذكر كلمة (إله) حتى يشعر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستئناس والطمأنينة
وهي نفس الطريقة التي عامل الله جلا وعلا بها موسى عليه السلام يوم أن أوحي إليه في الوادي المقدس قال الله تعالى له: {إني أنا ربك} ولم يقل له: إني أنا إلهك
لأن كلمة (إله) تعنى التكليف المطالب به العبد أما كلمة (رب) فتعنى ما يغدق به الله جلا وعلا على عباده وخيار خلقه من الفضل والمعروف والإحسان والكرامة
فلذلك قال جبريل يتلو على النبي(صلى الله عليه وسلم) مبلغا عن الله (عز وجل)
{اقرأ باسم ربك الذي خلق}