كشف مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، عن اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية إلى تصعيد ضغوطها على تركيا، والتي قد تشمل المزيد من العقوبات لوقف العملية العسكرية الإجرامية «نبع السلام»، التي يستهدف من خلالها الرئيس التركي، رجب أردوغان، غزو واحتلال شمال سوريا، وسط تأكيدات من المسؤول الأمريكي بأن «التوغل التركي في سوريا أحدث فوضى»، ومن ثم «بادرت إدارة الرئيس دونالد ترامب، بإرسال وفد من واشنطن يقوده نائب الرئيس، مايك بنس، إلى أنقرة لبحث تطورات الموقف».
وفيما لم يقدم المسؤول الأمريكي تفاصيل إضافية بشأن رحلة «بنس»، فقد قال: «إذا لم ترد أنقرة على الجهود الدبلوماسية فسيكون هناك مزيد من العقوبات.. في حالة غياب حل للأزمة، نعتزم زيادة العقوبات واتخاذ غيرها من الإجراءات التي جرى إبلاغ الإدارة بها، والتي شملت بشكل أساسي زيادة التعرفة الجمركية على واردات الصلب التركية ووقف محادثات التجارة»، لكنها كانت إجراءات أقل قوة مما توقعته أسواق المال.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على وزارة الطاقة التركية ردًا على الهجوم التركي في شمال شرق سوريا، مما يثير تساؤلات بخصوص أثر ذلك على قطاع الطاقة المحلي عمومًا، حيث ترتبط شركتان وطنيتان بالوزارة، وفق وكالة رويترز، حيث تدير الأولى «بوتاش»، البنية التحتية التركية لنقل الغاز وهي طرف في عقود استيراد الغاز، والثانية «تباو»، وهي منتج النفط المحلي وتدير بنية تحتية في الخارج.
أما عن «تباو»، فهي شركة النفط الوطنية، المملوكة للخزانة التركية وتتولى وزارة الطاقة إدارتها، وتملك الشركة وتشغل سفينتين للتنقيب عن النفط والغاز «فاتح»، و«ياوز»، اللتين تعملان حاليًا في البحر المتوسط من خلال خطة أردوغان للسطو على الغاو القبرصي، فضلًا عن سفينتين لـ«المسوح السيزمية»، تشاركان أيضًا في أعمال التنقيب، وتباشر «تباو»، من خلال شراكات ومشاريع مشتركة أعمال تنقيب واستخراج في كل من أذربيجان وروسيا والعراق وأفغانستان، وأنتجت الشركة 13.5 مليون برميل من النفط 05 ملايين متر مكعب من الغاز من حقول محلية العام الماضي، وتبلغ استثمارات الشركة في مشاريع محلية نحو 863 مليون دولار في الخارج.
أما شركة «بوتاش»، فهي مشغل خطوط الأنابيب ومشتري الغاز التركي، وبوتاش مملوكة للخزانة التركية وتديرها وزارة الطاقة، واستوردت بوتاش 85 بالمئة من احتياجات تركيا من الغاز الطبيعي العام الماضي، والشركة طرف في عقود استيراد الغاز عبر خطوط الأنابيب طويلة الأجل مع روسيا وأذربيجان وإيران، فضلًا عن عقود طويلة الأجل لاستيراد الغاز الطبيعي المسال مع نيجيريا والجزائر، وتستورد الشركة أيضًا الغاز الطبيعي في السوق الفورية من عدد يصل إلى 13 دولة من بينها الولايات المتحدة وقطر.
في العام الماضي، بلغت واردات بوتاش من الغاز عبر خطوط الأنابيب 39 مليار متر مكعب، وواردات الغاز المسال 11.3 مليار متر مكعب، وحوالي خمسة مليارات متر مكعب من واردات الغاز المسال جاءت من السوق الفورية، بحسب الهيئة المنظمة لأسواق الطاقة، واستوردت بوتاش 444 مليون متر مكعب من الغاز المسال الأمريكي العام الماضي مقارنة مع 884 مليون متر مكعب بين يناير ويوليو من العام الحالي.
وتشغل الشركة خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز وبنية تحتية بحرية للغاز المسال، تشمل وحداتها الخارجية بوتاش إنترناشونال المحدودة وشركة البترول الدولية التركية (تبيك)، وتملك الشركة أيضًا 30 بالمئة من خط أنابيب الغاز تاناب من خلال وحدة محلية.
وبخصوص البنية التحتية للغاز المسال، فإن لتركيا مرفأين بحريين للغاز المسال، أحدهما تملكه بوتاش، والثاني لشركة «إجيجاز»، المملوكة ملكية خاصة، وتملك تركيا أيضًا وحدتين عائمتين لتخزين الغاز المسال وإعادة تغويزه، واحدة تملكها بوتاش والثانية تملكها إتكي ليمان الخاصة، وتعتزم بوتاش بناء وحدة عائمة ثالثة في شمال بحر إيجه.
وإلى جانب حصة بوتاش البالغة 85 بالمئة من واردات الغاز التركية العام الماضي، استوردت سبع شركات خاصة -إنركو إنرجي وأكفل جاز وبوسفوروس جاز وباتي هاتي وكيبار إنرجي وإجي جاز وأوراسيا جاز وشل إنرجي- 7.7 مليار متر مكعب من الغاز العام الماضي، وهناك شركة «توبراش»، التي تعد أكبر شركة تكرير تركية بطاقة معالجة تبلغ 30 مليون طن من خلال أربع مصافي تكرير، والشركة الخاصة ملزمة بموجب القانون التركي بشراء النفط المنتج محليًا.
وأكدت «بلومبرج»، في وقت سابق، اتجاه الحكومة الأمريكية لفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على أنقرة، بعد وضع ثلاثة مسؤولين أتراك على قائمة العقوبات الدولية، وزيادة التعريفة الجمركية على بعض البضائع التركية ردًا على العملية العسكرية في شمال سوريا، وقالت المصادر إن الجولة المبدئية من العقوبات ستشمل مجموعة واسعة من المسؤولين الأتراك وتنتظر فقط الموافقة النهائية من الرئيس دونالد ترامب، كذلك تدرس الإدارة فرض عقوبات تستهدف المعاملات العسكرية وصادرات الأسلحة وشحنات الطاقة.
وكان للعدوان التركي بسوريا تأثير سلبي على الليرة التركية التي تهاوت حوالي 0.94% في معاملات، أمس الإثنين، لتصل إلى 5.9 ليرة للدولار الواحد، لتفقد الليرة 4.5% من قيمتها خلال شهر واحد، وكشفت وكالة «رويترز»، عن أن الليرة التركية أصبحت «العملة الأسوأ» عالميًّا؛ حيث هوت في أعقاب التوغل العسكري التركي في سوريا؛ لتصبح الأسوأ أداء بين العملات الرئيسة في العالم في أكتوبر، في تحرك يبدو أشد قتامة في ضوء ارتفاع معظم عملات الأسواق الناشئة.
وفقدت الليرة 5% هذا الشهر مقابل الدولار في تحرك استثنائي يتزامن مع ارتفاع مؤشر «إم. إس. سي. آي»، لعملات الأسواق الناشئة 1.3%، فيما تعمق عقوبات دولية على تركيا؛ بسبب جرائم الرئيس التركي رجب أردوغان في سوريا من أزمتها، وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من «عقوبات كبيرة في الطريق على تركيا»، بعدما هدد بالفعل بـ«محو، اقتصادها إذا مضى هجوم أنقرة الدموي على مناطق الشمال السوري والأكراد لأبعد مما ينبغي...».
واتفقت الحكومات الأوروبية، الإثنين الماضي، على تقليص ومنع صادرات الأسلحة إلى تركيا، وقال خبير الأسواق الناشئة لدى ألاينس جلوبال إنفستورز، ريتشارد هاوس «أجد صعوبة في رؤية أي حدث يصلح كمحفز إيجابي لتركيا في الوقت الحاضر.. ما يحدث هو أمر مذهل تمامًا».
وصنف «جيه. بي مورجان»، الليرة، في مقدمة العملات الأكثر انكشافًا على التقلبات السياسية، وحذر «جولد مان ساكس»، من المخاطر الجيوسياسية والسياسة الاقتصادية المحلية، في حين تساءل بنك «رابو»، إذا كانت الليرة على شفا أزمة جديدة؟»، وخفض «دويتشه بنك»، نظرته لأدوات الدخل الثابت التركية، وخفضت «أوكسفورد إيكونوميكس» مستوى رؤيتها لتركيا، وقال بيوتر ماتيس من بنك رابو: «إذا قرر الكونجرس الأمريكي فرض عقوبات على تركيا، فإن هذا التحرك الصغير نسبيًّا في الليرة سيكون على الأرجح مجرد بداية».
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على وزارتي الدفاع والطاقة التركيتين، وشملت العقوبات وزراء الدفاع والطاقة والداخلية؛ بسبب الجرائم التي ارتكبتها أنقرة خلال العملية العسكرية في شمال سوريا، وأوضحت الخزانة الأمريكية، في بيان، أن العقوبات طالت وزارتي الدفاع والطاقة التركيتين، بالإضافة إلى وزراء الدفاع والطاقة والداخلية، وأن إدراج المسؤولين الأتراك على قائمة العقوبات جاء نتيجة لأعمال الحكومة التركية التي تقوض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.