عمرة الأنصارية أعلم الناس بحديث عائشة ـ رضي الله عنها
كانت عمرة بنت عبدالرحمن الأنصارية، إحدى التابعيات اللواتي عرفن بالفقه ورواية الحديث الشريف، وكان لمكانتها بحكم قربها من أم المومنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ الأثر الكبير في توفرها على قسط كبير من العلم.
أثني عليها العلماء حتي قالوا: إنها ضمن أعلم الناس بحديث عائشة، وكان الخلفاء يحرصون على الاهتمام بما لديها من علم، فقد عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَاكْتُبْهُ فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ وَلَا تَقْبَلْ إِلَّا حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"رواه البخاري.
ولدت عَمْرة بنت عبد الرحمن بن سعْد بن زرارة الأنصاريَّة، في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، قرابة سنة 29هـ، وكانت ممن تربّين في حِجر السيدة عائشة، وتعلمت منها حديث رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ.
وكان جدّها سعد بن زرارة ـ رضي الله عنه ـ من أوائل الصحابة الأنصاريين، وهو شقيق أسعد بن زرارة أحد النقباء المشهورين، وأمها هي سالمة بنت حكيم بن هاشم بن قوالة، وأختها لأمها الصحابية أم هشام بنت حارثة بن النعمان. تزوَّجت عمرة من عبدَ الرحمن بن حارثة بن النعمان، فولدتْ له محمَّدًا الذي كان يُكنّى بأبي الرِّجال.
وكان للبيئة العلمية الحاضنة لعمرة المتمثلة في أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أثر واضح، فقد ترعرعت عَمْرة عند عائشة أم المؤمنين التي ضمَّتها مع إخوتها وأخواتها إلى حِجْرها بعد وفاة والدهم، فنشأت في بيت التقوى والعلم.
تميزت عمرة بقوة الذاكرة، وتعتبر من المُكْثرات في رواية الحديث؛ لما وهبها الله من حافظة قوية، وأغلب ما روت عمرة من أحاديث كان عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
وصفها الإمام ابن إسحاق الفزاري في كتابه (السِّيَر)، وابن سعد في طبقاته بقوله: "كانتْ ذكيَّة الفؤاد، لمَّاحة، فوعتْ عن أمِّ المؤمنين كثيرًا من العِلم".
وممّا أخرجه الإمام البخاري: أن يحيى بن سعيد كان يذكر حديث عَمْرة للقاسم بن محمد - وهو أحد الفقهاء السبعة- فيقول له: (أتتك - والله- بالحديث على وجهه).
وعن عمرة قالت: سألتُ عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله؟ قالت: كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يركعُ فيضعُ يدَيهِ علَى رُكْبتيهِ ويُجافي بعضُدَيْهِ"رواه ابن ماجه.
وقد شهد لمكانتها وتميز الكثير من العلماء، فيقول الإمام الحافظ يحيى بن معين: عمرة بنت عبد الرحمن ثقة حجة. أما الإمام المحدّث سفيان بن عيينة لها بالعلم فقال: أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير، وعَمْرة بنت عبد الرحمن. وقال الإمام الذهبي: كانت عالمة، فقيهة، حُجّة، كثيرة العلم، وحديثها كثير في دواوين الإسلام.
تتلمذ على عمرة العديد من العلماء، ويذكر أن القاسمُ بن محمد سأل الإمامَ الزهري: أراك تحرص على العلم، أفلا أدلك على وعائه؟ قال: بلى. قال: عليك بعمرة بنت عبد الرحمن؛ فإنها كانت في حِجر عائشة ـ رضي الله عنها ـ قال الزهري: فأتيتها فوجدتها بحرًا لا ينضب.
وقد روى عن عَمْرة الأئمة: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ـ رحمهم الله جميعًا ـ، وكان من تلاميذها: عروة بن الزبير، والإمام ابن شهاب الزهري، والإمام عمرو بن دينار.
توفيت عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ وأرضاها عن 77 عاما سنة 106 من هجرة النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ.
ulvm hgHkwhvdm Hugl hgkhs fp]de uhzam J vqd hggi ukih
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|