03-25-2019, 08:39 AM
|
|
|
|
|
تطور اللغة العربية
تطور اللغة العربية
ظلَّت العربية تُكتَب غير مُعْجَمة (غير منقوطة) حتى منتصف القرن الأول الهجري، كما ظلَّت تُكتَب غير مشكولة بالحركات والسَّكنات؛ فحين دخل أهل الأمصار في الإسلام واختلط العرب بهم، ظََهَرَ اللَّحْن على الألسنة، وخيف على القرآن الكريم أن يتطرَّق إليه ذلك اللَّحْن. وحينئذٍ توصَّل أبو الأسود الدُّؤَليُّ إلى طريقة لضَبْط كلمات المصحف، فوَضَع بلَوْن مخالِف من المِداد نُقْطة فوق الحرف للدَّلالة على الفتحة، ونُقْطة تحته للدَّلالة على الكسرة، ونُقْطةً عن شِماله للدَّلالة على الضَّمَّة، ونقطتين فوقه أو تحته أو عن شِماله للدَّلالة على التَّنوين، وتَرَكَ الحرف السَّاكن خاليًا من النَّقْط، إلا أن هذا الضبط لم يكن يُستعمل إلا في المصحف.
وفي القرن الثاني الهجري وضع الخليل بن أحمد طريقة أخرى، بأن جعل للفتحة ألفًا صغيرة مُضطجِعة فوق الحرف، وللكسرة ياءً صغيرة تحته، وللضمَّة واوًا صغيرة فوقه، وكان يُكرِّر الحرف الصغير في حالة التنوين، ثم تطوَّرت هذه الطريقة إلى ما هو شائع اليوم.
أما إعجام الحروف (تنقيطها) فتمَّ في زمن عبد الملك بن مروان، وقام به نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يَعْمُر العَدْواني، كما قاما بترتيب الحروف هجائيًّا حسب ما هو شائع اليوم، وتركا الترتيب الأبجدي القديم (أبجد هوَّز).
وخَطَت العربية خطواتها الأولى نحو العالمية في الثلث الأخير من القرن الأول الهجري، وذلك حين أخذت تنتقل مع الإسلام إلى المناطق المحيطة بالجزيرة العربية. وفي تلك الأمصار أصبحت العربية اللغة الرسمية للدولة، وأصبح استخدامها دليلاً على الرُّقي والمكانة الاجتماعية. وظلَّت لغة البادية حتى القرن الثاني الهجري الحُجَّة عند كلِّ اختلاف. وكان من دواعي الفخر للعربي القدرة على التحدُّث بالعربية الفصحى كأحد أبناء البادية. أما سُكان الأمصار الإسلامية، فقد بدأت صلتهم بلغاتهم الأصلية تضعف شيئًا فشيئًا، وأخذ بعضهم يتكلَّم عربية مُوَلَّدة متأثِّرة باللغات الأم. وقد كانت منطقة الشام أُولى المناطق تعرُّبًا. ويُلاحَظ اختلاف لهجات أهل الأمصار في العربية تبعًا لاختلاف القبائل العربية الوافدة، ومن هنا كان اختلاف لهجات الكوفة والبصرة والشام والعراق ومصر بعضها عن بعض.
وقبيل نهاية العصر الأُموي، بدأت العربية تدخل مجال التأليف العلمي بعد أن كان تراثها مقصورًا على شِعْر وأمثال يجري على ألسنة الرُّواة.
العربية في العصر العباسي
شهد العصر العباسي الأول مرحلة ازدهار الحضارة الإسلامية في مشرق العالم الإسلامي وفي مغربه وفي الأندلس، وبدأت تلك المرحلة بالترجمة، وخاصة من اليونانية والفارسية، ثم الاستيعاب وتطويع اللغة، ثم دخلت طَوْر التأليف والابتكار، ولم يَعُد معجم لغة البادية قادرًا وحده على التعبير عن معاني تلك الحضارة، فحمل العلماء على عاتقهم مهمَّة تعريب مصطلحات غير عربية، وتوليد صيغ لمصطلحات أخرى، وتحميل صيغ عربية دلالات جديدة؛ لتؤدِّي معاني أرادوا التعبير عنها. وبهذا استطاعت العربية التعبير عن أدقِّ المعاني في علوم تلك الحضارة الشامخة وآدابها.
وفي مطلع ذلك العصر بدأ التأليف في تعليم العربية، فدخلت العربية مرحلة تعلُّمها بطريق الكتاب، وكان هذا هو الأساس الذي قام عليه صَرْح العلوم اللغوية، كالنحو والصرف والأصوات وفقه اللغة والبلاغة والمعاجم.
وعلى الرغم من انقسام العالم الإسلامي إلى دويلات في العصر العباسي الثاني، واتخاذ لغات أخرى للإدارة كالفارسية والتُّركية، فإن اللغة العربية بقيت لغةً للعلوم والآداب، ونَمَت الحركة الثقافية والعلمية في حواضر متعدِّدة، كالقاهرة وحَلَب والقيروان وقرطبة
العربية في العصر الحديث
حين ضَعُفَ شأن المسلمين والعرب منذ القرن السادس عشر الميلادي، وتعرَّضت بلادهم للهجمات الاستعمارية، رأى المستعمرون أن أفضل وسيلة لِهَدْم تماسُك المسلمين والعرب هي هَدْم وَحْدة الدِّين واللغة، وقد حاولوا هَدْم وحدة اللغة بإحلال اللهجات العامية محلَّ العربية الفصيحة، وبدأت تلك الدَّعوة في أوائل الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، فأخذ دعاتهم يروِّجون لفكرة كتابة العلوم باللغة التي يتكلَّمها عامة الناس، وطَفِقَ بعضُهم يضع قواعد للهجة أبناء القاهرة، واقترح آخرون كتابة العربية الفصيحة بالحروف اللاتينية، إلا أن كلَّ تلك الدَّعوات أخفقَت إخفاقًا تامًّا!!
ولكن كان من آثار تلك الهجمات الاستعمارية ضَعْفُ شأن العربية في بعض البلاد العربية، وخاصة دول الشمال الإفريقي، واتخاذ اللغات الأوربية وسيلة لدراسة العلوم والفنون الحديثة، فيما يُعرف بمدارس اللغات وفي أغلب الجامعات. وقد بدأت في البلاد العربية حركة نشِطة للتعريب تتمثَّل في اتجاهين: الأول تعريب لغة الكتابة والتخاطب في بلاد الشمال الإفريقي، والثاني تعريب لغة العلوم والفنون على مستوى البلاد العربية كلِّها. وقد نجحت في الاتِّجاه الأخير سوريا والعراق، وأحرزت بلاد عربية أخرى بعض النجاح. وتحدو القائمين بالجهد في هذا الاتجاه الثِّقة بأن العربية التي وَسعَت الحضارة الإسلامية في الماضي لن تكون عاجزة عن أن تَسَعَ الحضارة الحديثة.
والعربية الفصيحة اليوم هي لغة الكتابة، وتُستخدم لغةً للحديث في المحافل العلمية والأدبية، وفي الإذاعة والتلفاز، وأحيانًا في المسرحيات والأفلام، ولها سحْرٌ عجيب إذا صَدَرَتْ عمَّن يجيدها. أمَّا لغة التخاطب العامي فلهجاتٌ عديدة في العالم العربي، لكن اللغة العربية الفصيحة - مع ذلك - مفهومة فهمًا تامًّا في كلِّ أنحاء العالم العربي[1].
________________________________________
[1] انظر: خالد بن سلطان بن عبد العزيز: موسوعة مقاتل من الصحراء، الإصدار التاسع 2008م، اللغات، ملحق اللغة العربية، الرابط:
http://www.moqatel.com/openshare/Beh...15.doc_cvt.htm
j',v hggym hguvfdm hgguf hguvfdm j',v
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 09:29 PM
|