حكم اشتراط الزوج على زوجته قبل الزواج أن تسقط حقها في القسم والمبيت
السؤال
رجل كثير التنقل والسفر، ولديه أكثر من زوجة ، ولكثرة انشغالاته وعدم قدرته على ترتيب تنقلاته التي تكون أحياناً فجائية ، اشترط قبل زواجه بكل امرأة إسقاط حق القسمة أو المبيت أو أن يكون ذلك بيده وذلك إن رغبت في الزواج به وإلا فلا، وذلك لأنه يخشى أن لا يتمكن من تقسيم الليالي بشكل دقيق جدا بين الزوجات بسبب تنقلاته وانشغالاته ، ورضيت بذلك جميع النساء قبل قبول الزواج منه ، فما حكم ذلك وفق مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في الشروط أو غيره من الأئمة ؟
ملخص الجواب:
والحاصل : أن هذا الشرط جائز ، فإذا رضيت به المرأة فهو لازم لها ، على القول الراجح ، وهو اختيار شيخ الإسلام والشيخ ابن عثيمين ، رحمهما الله . والله أعلم .
نص الجواب
الحمد لله
إذا تزوج الرجل على أن تسقط المرأة حقها في القسم أو المبيت : فهذا محل خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى .
فمنهم من أبطل هذا الشرط وألغاه ، وهو مذهب المالكية والشافعية .
انظر : " الشرح الكبير " (2/238) ، "روضة الطالبين" (7/265) .
ومنهم من صحح الشرط ، ولكنه جعله غير لازم للمرأة ، فأجاز لها الرجوع والمطالبة بحقها في القسم ، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/487) :
"وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، وَشَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لَيْلَةً ، ثُمَّ رَجَعَتْ وَقَالَتْ : لَا أَرْضَى إلَّا لَيْلَةً وَلَيْلَةً ، فَقَالَ : لَهَا أَنْ تَنْزِلَ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ ، وَإِنْ قَالَتْ : لَا أَرْضَى إلَّا بِالْمُقَاسَمَةِ كَانَ ذَلِكَ حَقًّا لَهَا ، تُطَالِبُهُ إنْ شَاءَتْ .
وَنَقَلَ عَنْهُ الْأَثْرَمُ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهَا أَنْ يَأْتِيَهَا فِي الْأَيَّامِ : يَجُوزُ الشَّرْطُ ، فَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ .
وَقَالَ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ: النِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي هَذَا الشَّرْطِ " انتهى .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الشرط صحيح ولازم للمرأة ، فقد نقل عن الإمام أحمد رحمه الله ما نقله عنه ابن قدامة رحمه الله ثم قال :
" قلت الكلام في شيئين: أحدهما في صحة هذا الشرط ولزومه ، وقد أجاب أحمد في موضع بأنه غير لازم ، ولكنه في رواية الأثرم لما قيل له : أرأيت هذا الشرط في عقد النكاح ؟ أمسك عن جواب هذه المسألة ، وقال : أما إذا قاله لها بعد النكاح فلها أن ترجع.
وهذا الإمساك والوقوف عن الجواب يخرج مثله على وجهين.
والمذهب المنصوص : أن الزوج متى اشترط ترك حقه الثابت بمطلق العقد ، كتحويلها من دارها والسفر بها : كان شرطًا لازمًا .
وكذلك إذا شرط ترك ما يستحقه ، وهو التزوج والتسري عليها .
فإذا كان إذا شرطت عليه ترك بعض ما يستحقه عند الإطلاق ، لغرض صحيح لها في ذلك : لَزِم ؛ فكذلك إذا شرط عليها مثل ذلك" انتهى من "العقود" (ص208-211) وينظر أيضا : (ص213) .
وقد أطال شيخ الإسلام رحمه الله في تقرير أن الأصل في العقود والشروط أنها صحيحة لازمة ، وذلك في كتابه : " القواعد النورانية " (ص264-310) .
وقد رجَّح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ما اختاره شيخ الإسلام ، فقال في "الشرح الممتع" (12/191) : "رجل تزوج امرأة على امرأة سابقة ، وهي الضرة، وسميت ضرة لكثرة المضارة بينها وبين الزوجة الأخرى في الغالب ؛ فإذا شرط أن يقسم لها أقل من ضرتها، فالمذهب : لا يصح .
والصحيح : أنه يصح، فإذا قال: أنا عندي زوجة سأعطيها يومين ، وأنت يوماً، فرضيت بذلك: فلا مانع، فهذه سودة بنت زمعة ـ رضي الله عنها ـ وهبت يومها لعائشة ـ رضي الله عنها ـ فأقرها النبي ـ عليه الصلاة والسلام" انتهى
p;l hajvh' hg.,[ ugn .,[ji rfg hg.,h[ Hk jsr' prih td hgrsl ,hglfdj
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|