من غير الوارد لزوار قرية الباحة في مهرجان "الجنادرية 33" ألا يلفت انتباههم كثرة تردد الأطفال وإقبالهم على محل الألعاب الشعبية، الذي يعرض مجموعة كبيرة من ألعاب الأطفال المتوارثة من الأزمان الغابرة، ولكن الغريب انجذاب الكبار أيضاً لهذه الألعاب، وتناولهم لها بشغف مع انبعاث ابتسامة على محيا كل واحد منهم، عند تجريبه للعبة وتقليبه لها في يده، كأنها أيقظت شيئا ما في ذاكرته كان مبعث متعة خاصة لديه؛ ما استرعى انتباه "سبق" ودعاها للتوجه إلى العم مسعود الغامدي صاحب المحل، لسؤاله عن سبب إقبال الكبار مثل الصغار على الألعاب.
قال العم سعيد: "الألعاب الشعبية القديمة لا تزال تستهوي أطفال الأجيال الحالية، رغم أنها مبتكرات قائمة على مخيلة الأسلاف من الأجداد حينما كانوا أطفالاً ورجالاً أيضاً؛ وذلك لأن الألعاب تحتفظ بخصائصها الفريدة في إثارة فضول الأطفال وإغرائهم بتملكها واللعب بها في فضاء الطبيعة".
وأضاف: "أما بالنسبة للكبار فهم يقبلون على مطالعة هذه الألعاب من جديد؛ لأنها تعيدهم إلى مرحلة الطفولة، عندما كانوا يقضون مع هذه الألعاب أوقاتا طويلة وسط الطبيعة، ومع بعضهم البعض".
ومن بين الألعاب والأدوات الكثيرة، يُقبل الكبار والصغار على تجريب وشراء "النبّال" و"الصفريجة" و"المسكتة"؛ إذ كان "النبّال"، بحسب العم مسعود، يستخدم قديماً قبل ظهور البنادق في صيد الطيور، ثم استعمله الأطفال محاكاة للكبار في اللهو بين الأشجار للغرض نفسه، فيما كانت "الصفريجة" تستخدم في جذب الحمام واستهداف الحمام الزاجل بصفة خاصة، أما "المسكتة" فكان الآباء يصنعونها لأطفالهم الرضع، لإسكاتهم وإيقافهم عن الاستمرار في البكاء عبر الأصوات التي تحدثها عند تحريك الطفل لها.
أكد العم مسعود الغامدي أن صنع الألعاب الشعبية كان جزءا من الخبرة الحياتية للسكان في الباحة قديماً، فلم تكن هناك مهنة مكرسة لصنع الألعاب، ولم تكن هناك محلات لبيع الألعاب، ورغم ذلك كانت الألعاب جزءا من النمط المعيشي لأطفال تلك الأزمان؛ لأن الأسر كانت تصنع الألعاب لأطفالها، كما كانت تشركهم في صنعها، وبهذه الطريقة توارث الأجيال خبرة صنع الألعاب الشعبية، واستمرت جزءا من أشكال الترفيه التي مارسها سكان الباحة قديماً.