11-10-2018, 10:52 AM
|
|
|
|
|
د. هاني خوري.. عندما يتحقق الإنجاز على كرسي متحرك
بعد 35 عاما عاشها في الولايات المتحدة الأمريكية، أنهى الأكاديميّ الفلسطينيّ البروفيسور
هاني خوري انقطاعه المتواصل عن وطنه ومسقط رأسه، نابلس، وعاد ليقبل تربها الذي لم ينسه يوما.
د. خوري، الذي يتنقل على كرسي متحرك بعد أن أصاب الشلل معظم أنحاء
جسده، لم يعد بإمكانه تحريك شيء من جسده سوى رأسه ويده اليسرى، لكنه
استطاع بهما انتزاع الشهادات العلمية الواحدة تلو الاخرى.
سنوات الغربة الطويلة لم تكن كافية لمحو ذكريات 18 عاما عاشها هاني في نابلس
وما زال يحتفظ بذكريات جميلة أمضاها مع أصدقاء الطفولة والشباب، وما زال ينطلق
حروف العربية بلهجته النابلسية الفلسطينية الاصيلة، كما لو انه لم يغادر مدينته يوما.
وعلى هامش زيارة قام بها الى نابلس استمرت بضعة أيام، ألقى هاني العديد المحاضرات
أمام طلبة الجامعات وذوي الاعاقة، والتقى العديد من أصدقاء الطفولة.
وخلال لقاء نظمه الاتحاد العام لذوي الاعاقة في نابلس، في المعهد الكوري لتكنولوجيا
المعلومات بجامعة النجاح، قال خوري أن نابلس فيها لكثير من الذكريات لأصدقاء الطفولة
مضيفا: “نابلس بالنسبة لي بمثابة الأم، وأنا لم أنس نابلس في أي يوم
فقد كانت تسكن في قلبي، وروحي كانت معلقة في نابلس”.
ولد خوري في مدينة نابلس 1965، وفي عمر السنتين لاحظ والداه أنه يعاني
من بطء بالمشي، فلم يدخروا جهدا في علاجه، لكن المشكلة بقيت تتطور
شيئا فشيئا، الى أن أصبح غير قادر على الوقوف على قدميه.
وعجز الأطباء في ذلك الوقت عن معرفة سبب المرض، لكن بعد هجرته إلى الولايات المتحدة
استطاع الأطباء هناك تحديد سبب المشكلة، وهو نقص في البروتين المسؤول عن نضوج الخلايا
العضلية، وهو مرض نادر جدا، ويضم 40 نوعا مختلفا.
ويقول: “كنت أمشي بطء شديد، وأذهب للمدرسة القريبة من البيت
على العكازات، ودرست فيها سنة واحدة، وبعدها انتقلت إلى مدرسة
ابن قتيبة، وأكملت فيها الابتدائية والإعدادية”.
في بداية المرحلة الثانوية، التحق بمدرسة الملك طلال في رفيديا، ودرس
فيها سنة واحدة، وبسبب عدم وجود شعبة للفرع العلمي، اضطر للانتقال
إلى مدرسة قدري طوقان البعيدة نسبيا عن بيته.
بداية الاغتراب
ويسرد هاني كيف تطورت الأمور نحو الانتقال إلى أمريكا لإكمال تعليمه، فقد
كان يعيش وضعا صعبا بسبب إعاقته التي تستفحل مع تقدمه بالعمر.
ويقول: “لم تكن مرافق نابلس في ذلك الوقت مؤهلة لخدمة ذوي الكراسي المتحركة
وكانت أحوال المعاقين صعبة جدا، لذلك كانت الخيارات أمامي صعبة بعد نجاحي بالتوجيهي”.
ويبين أن أخوه الأكبر “نبيل” كان يدرس بالجامعة الأمريكية في بيروت إبان الحرب الأهلية
وكانت العائلة تضغط عليه لمغادرة لبنان بسبب اشتداد المعارك، فانتقل إلى جامعة “سيراكيوز”
في نيويورك، وبعد استقراره هناك، وجدت العائلة أن من الأنسب لهاني إكمال تعليمه
بجانب شقيقه، بسبب الإمكانات الكبيرة المتاحة للمعاقين.
لم يكد هاني يستقر به المقام في نيويورك، حتى انتقل شقيقه للعمل بولاية أخرى، وكان عليه
الاعتماد على نفسه، وبناء علاقات صداقة مع آخرين لمواجهة الحياة ومتطلباتها.
ويقول: “كنت مصرّاً على إكمال تعليمي، فوضعي الخاص يجعل المنافسة صعبة جدا
في مجتمع شديد التنافس، وهذا ما دفعني للإقبال على التعليم كجزء من استقراري في الحياة”.
ويضيف: “التعليم مهم لكل إنسان، لكنه بالنسبة لي كان بالغ الأهمية
خاصة في مجتمع لا يرحم كالمجتمع الأمريكي المبني على التنافس”.
حصل هاني على شهادتي بكالوريوس، الأولى في الرياضيات
والثانية في نظم المعلومات، ثم التحق بالماجستير.
ويقول: “بعد أن أنهيت البكالوريوس، قال لي والدي: لقد قمت بواجبي
تجاهك، وعليك أن تقف على قدميك من الآن فصاعدا”.
ويبين هاني أن والده كان خير مساند وداعم له، لكنه أراد أن يعلمه الاعتماد على الذات.
بعد حصوله على الماجستير، حصل على منحة دراسية كاملة لدراسة الدكتوراه
من جامعة “سيراكيوز”، والتي اتاحت له ايضا العمل كمساعد تدريس.
وخلال فترة دراسة الدكتوراه التي امتدت من 1989-1995، تعرف على سيدة أمريكية
وتزوج منها، مما سمح له بالحصول على الجنسية، وأعطاه حقوقا عديدة، أهمها العمل.
وقبل إنهاء الدكتوراه، حصل على فرصة عمل بجامعة “ميرسور” بولاية جورجيا، والتي لا زال
يعمل بها منذ 25 عاما، ويشغل الآن موقع منسق قسم الرياضيات فيها.
أسرار النجاح
ويبين أن من أهم أسرار نجاحه في مواجهة الصعاب هو انعدام الخوف لديه
ويقول: “الخوف هو العدو الأساسي في الحياة، ولا يوجد عدو أكثر فتكا من
الخوف، والإنسان الخائف إنسان مقيّد”.
ورغم إعاقته الشديدة، لكنها لم تقف حائلا دون ممارسة نشاطاته الطلابية والنقابية
والسياسية بالجامعة، فقد كان رئيسا للطلاب العرب بالجامعة، ورئيسا لاتحاد الطلاب
المعاقين فيها، كما استقدم العديد من الشخصيات لتقديم محاضرات عن القضية الفلسطينية.
كما دعي للمشاركة بعدة مؤتمرات عالمية في الدوحة والجزائر والأردن، وهو
عضو بمنتدى الفكر العربي بالأردن، ولديه اطلاع كامل على مجريات الأوضاع
بالمنطقة، ويحرص على تثقيف نفسه بمطالعة الكتب والأدب العربي.
ويعتمد هاني على التكنولوجيا لتعينه على مواجهة الصعوبات في تدريس
طلابه، ويقول: “أستعمل الحاسوب في التدريس، والفأرة للكتابة والرسم والشرح
وهناك محاضرات أقدمها عبر الصفوف الافتراضية “أون لاين”.
ويفخر بكونه أول محاضر في الجامعة يحصل على تدريب على التدريس عبر الصفوف الافتراضية.
وخلال سنوات غربته، استطاع تكوين الكثير من الصداقات بفضل شخصيته المرحة والاجتماعية
لكن أكثرهم قربا إليه صديقه “لويس” الذي تمتد صداقته إلى العام 1997، وهو ينحدر
من المكسيك، والذي رافقه في زيارته لنابلس.
ويقول: “شجعني العديد من الأصدقاء لزيارة فلسطين ونابلس، ووجدت فرصة
لتحقيق ذلك عندما شاركت بمؤتمر في الجامعة الامريكية بمادبا في الاردن”.
ويضيف أنه طوال 35 سنة لم يزر نابلس وفلسطين، رغم أن حلمه هو أن يعود إليها، لكن
ذلك يمثل تحديا صعبا جدا بسبب وضعه وحاجته إلى العديد من الأدوات غير المتوفرة.
ويستخدم هاني رافعة خاصة متحركة لركوب السيارة، يساعده صديقه لويس في استخدامها وطيّها.
ويفخر هاني بما حققه لفلسطين، ويشعر بالامتنان لوطنه، ويقول:
“انتمائي لفلسطين، كان دافعا مهما لي للأمام”.
ولا يجد هاني نفسه قد حقق ذاته بعد كل ما أنجزه حتى الآن، ويرى بأن
الإنسان الذي يحقق نفسه يكون قد وصل إلى نهايته، وإذا لم يطمح الإنسان
لأعلى المستويات يكون انتاجه محدودا.
ويختم حديثه قائلا: “عندي هدف أن أعود إلى الأردن أو نابلس، لكني
أكون قد حققت ذاتي عندما أعود إلى نابلس”.
من جانبه، يقول سامر عقروق، مدير وحدة رعاية الطلبة ذوي الإعاقة
بجامعة النجاح، أن قصة هاني خوري تؤكد مجددا انه لا يوجد هناك إعاقة
بل يوجد معيق، وأن الامر مرتبط بتحدي الاعاقة.
ويضيف: “هاني أثبت أن الاعاقة مهما كان حجمها لا تشكل اي عائق
أمام الانسان للوصول الى اي مكان يضعه في ذهنه”.
]> ihkd o,vd>> uk]lh djprr hgYk[h. ugn ;vsd ljpv; ],vd ihkd
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 11:16 AM
|