لم تكن الفتاة التي ادعت تعرضها للاختطاف يوم أمس ببريدة حالة فردية من مظاهر التجييش واستفزاز الرأي العام وإظهار فيديوهاتها كقضايا ذات أهمية وتصديرها للسطح وهي كغيرها من الوقائع التي قد تنتهي باستجواب لا تحتاجه هذه الهالة السوداء.
ولم يكن هذا الفيديو هو الأول الذي تُمارس فيه بطلته التأليب ضد مؤسسات وأجهزة الدولة الأمنية وتصويرهم كوحوش يقفزون الجدران الإسمنتية ويقبضون على السكان بلا تهمة ولاجناية ! لكن دور "الضحية في مسلسل المظلومية" له أبعاده وأهدافه فكاميرا هاتف محمول أصبحت سلاحا بيد العابثين والمُدلسين يحاولون من خلالها قلب الحقائق وتحويرها عن مسارها فيصبح الظالم مظلوما والجاني حملًا وديعا يهُدد في مسكنه .
وبالتالي يلجأ هؤلاء لحيلة استثمار عين الكاميرا لإستمالة الرأي العام عبر فيديوهات تُسجل وتُنشر خاصة على منصة تويتر الذي يتداول فيه السعوديون أسبوعيًا عشرات المقاطع ويتناقشون حولها حتى تصعد للترند السعودي وأحيانًا العالمي فتنتقل من كونها قضية محلية إلى العالمية وتلوكها الصحافة الأجنبية باسم حقوق الفتيات وتلك الشعارات البرّاقة التي يناقضها الواقع هناك.
أمس الظهيرة فاق السعوديون في عطلتهم الأسبوعية التي قضوا مساءها وصباحها بالحديث عن صاحب المعالي بـ"فيديو أنت السبب وإخوانك" وما تضمن مقابتله مع الطالب من تقطيع للفيديو وحملة مسعورة كان المتعاركون فيها على مفترق طرق، ليُطالعوا مقطعًا آخر لا يقل سخونة وتجييشا، وهي تلك الفتاة المتسلقة بسطح شقق تُصور رجال الأمن كخاطفين ومعتدين وهي تزرف دمعاتها الزرقاء وتتوسل في حبكة درامية هي مصورتها وبطلتها والمخرجة كذلك .!! فنشرت فيديوهاتها من أعلى البناية على شكل تدوينات قصيرة تستنجد والعبرات تنحدر على وجنتيها وكأنها لا تعلم لم حضرت هذه القوة الأمنية .!! فحققت تغريداتها معدلات مرتفعة من إعادة التغريد والتفضيل وكأن هؤلاء "المُفضلين والمرتوتين" وقفوا على مسرح الجريمة وعلموا بخبايا هذه المسرحية ! طبعًا بلا وعي وإدراك ركبوا الموجات وانزلقوا في منحدرات غير قانونية قد تعرضهم للمحاكمات ! .
وفريق آخر انطلق ودشّن وسمًا يناقش القضية حملت تغريدات المشاركين فيه مضامين لا تخرج عن البلاهة والتعاطف الغير موزون فلا يمكن تصديق رواية الإختطاف بوسط أحياء سكنية شوارعها صاخبة وسكانها يتجولون بالنهار فهذا ضرب من ضروب الخيال لا يمكن استساغته .
وعلى الجانب الأخطر اقتنصت حسابات لا يخرج اهتمامها أو مزاعمها حول حقوق النساء وتسعى دومًا للظفر بالفيديوهات وتحريك الكتائب الإلكترونية وعمل حملات ممنهجة بهدف إبراز مثل هذه الفيديوهات للعالم الخارجي لإظهار السعوديات كضحايا الكبت والعنف والمجتمع الظالم، حتى لو كانت هذه المقاطع مجتزأة ومضللة لكن الهدف الأسمى لهم هو تنفيذ أجندتهم حتى وصل بهم الأمر لإستعداء المنظمات التي تتغنى بحقوق الأفراد وهي بعيدة عنه في الوقت الذي قطعت فيها السعودية الجديدة شوطًا لمنح النساء حقوقهن.
وبعد لت وعجن وجدل لم يهدأ خرج تصريح شرطة القصيم وأكد أنه لا صحة للإختطاف وأن القضية لم تخرج عن كونها إحضار فتاة عليها أمر قبض فكانت خيبة الأمل للخلايا التي تناست أن بطلة "فيلم الإختطاف" قد قُبض عليها سابقًا وأودعت بدار الفتيات ثم خرجت وكتبت يومياتها هناك ونصحت من الإنجرار وراء خفافيش الشبكات ولها تغريدات مثيرة للجدل!.
لم ينس السعوديون أبطال فيديو "دق على عمتك" والتطاول على رجل الأمن بمكة قبل أقل من شهر ومحاولة تلبيسه تهمة التعدي لكن فطنة أجهزة الدولة الأمنية كانت حاضرة وتم القبض عليهم جميعًا ونجا رجل الأمن من مصيدة "كاميرا الهاتف" وكان بطلًا وقتها ووجد موقفه تصفيق المجتمع.. فالحكم من فيديو قصير أو مجتزأ سذاجة وتعد على أجهزة الدولة ونشرها عبر التطبيقات إساءة وحكم غير مستند على حجة بيّنة.