گيف سآد الدين الاسلآمي
ليست حبَّاتها بالتسعة والتسعين وإن كانت قد انسدلت تحت مظلَّتها السامية، ومحامدها العالية منظومةً بغير تصنُّع، مصفوفة بغير تكلُّف، كلُّ حبَّاتها واسطات عقد تنزَّلت من لدن حكيم عليم؛ فصارت بالسيادة أولى وبالقيادة أجدر.
كان لنزولها مهابة وعناية؛ ففاقت كلَّ منزَّل وحاملها ذي الوجه الأنور، فضلًا عن كونها الشاهدَ الأعظم على الأمم السابقة؛ إنها الديانة الإسلامية، فكيف ساد هذا الدين؟!
ولعلَّ السؤال قديم قدمَ بزوغ شمس الدين الإسلامي، وتناولُه قد جاء على أشكال عديدة، أو إن صحَّ القول فقل:
الأقلامُ على أشكال متباينة ومختلفة حسب القلوبِ التي في الصدور، فلربَّما طرح السؤال محبٌّ ومعتزٌّ بالدين، يستبشر بمنةٍ من الله وفضل بسيادة هذا الدين، ولربَّما طرحه حاقدٌ يجمع أشياعَه من مبغضيه؛ فيأتلفون على قلب واحدٍ كارهٍ للدين لمحاربةِ انتشاره، حتى ولو اختلفت مذاهبُهم، وتنوَّعت مساعيهم.
ومنهم: مَن يريد استكشاف هذا الدين، ومعرفة سبب سيادته، والتفاف الكثير حوله؛ فكانوا جميعُهم على طرائق عدة، والرائع في معطيات السؤال: أن هؤلاء الثلاثة في كل زمانٍ ومكان موجودون، وتلك إشارة قوية لشغل هذا الدين عقولًا مفكرة، وقلوبًا مشفقة من انتشار أو اندثار أو حبِّ استطلاع.
نقول لكل هؤلاء: ﴿ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [الصف: 8].
وما أنا ولا غيري سابقًا أو لاحقًا بمن يجمعُ لذلك السؤال إجابةً وافية، ولا كلمة كافية؛ إذ إن الإجابة تنبعُ من مناقب الدين وسموِّه، ومن يستطيع للروض الغنَّاء جمعًا لشذاه؟!
لكنها محاولة كمحاولات أفاضل سبقوا، ولهم قصب السبق في هذا الأمر، ولربما زِدْنا بها درجةً عند من عنده الدرجات العُلى، نسأل الله توفيقًا لما سنخوض فيه، ولن أطيل فسوف أكتفي بما يُسمُّونه القشور، ولرُبَّ قشور أطيبُ ما فيها أنها من سنا البدور، وزهرة الدهور، وماشطة الحورِ، فلربما اجتَنَيْتُ من روعة الدين وجماله وبهائِه عطرَ الكلام، والله المستعان.
ولقد وفَّقني الله عز وجل إلى تقسيم الإجابة إلى شطرين: الشطر الأول (سماويٌّ علويٌّ)، والشطر الثاني: (أرضيٌّ بشريٌّ)، أو شطر عزَّزَتْه الثُّريَّا، وشطر طيَّبه من يَطَأُ بقدَمَيْه الثَّرَى؛ فصلِّ يا رب على المصطفى.
وأول نقاط الإجابة عن السؤال كيف ساد هذا الدينُ المرفوع بعلامة تعجُّب لمن لم يعرف ماهيَّة الإسلام والعقيدة التي فرضت مبادئها وقِيَمها؟ ولربَّما خلدت أسماء لأصحابها تاجهم محمد بن عبدِاللهِ وأقلُّهم وأدناهم تُوِّج في صدر الزمان حتى قيام الساعة - هي:
أ- الأسباب السماويَّة:
وهي العنايةُ العليا، وتخصيص عينٍ حامية لعيون مارقةٍ، وقلوب زاهقة من سيادة الرسالة الخاتمة التي جاءت لتكشف كَذِبات السابقين، وتصحِّح الصورة التي قلبوها على هوًى مُتَّبع، ونفوس غير طيبة.
1- العناية الإلهية لحماية التنزيل:
حماية التنزيلِ من أن تطَّلع إليه الجِنَّة والمَردَة والشياطين؛ فقد كانت الجِنَّة - فيما سبق قبلَ نزول القرآن وظهور الإسلام - يسمعون للملأ الأعلى، ويلتقطون الكلماتِ، ويُخبِرون بها أشياعَهم، حتى إذا أُذِن للقرآن الكريم خاتمِ الرسالات السماوية أن ينزِلَ فُرِضتْ له الحماية والعناية الإلهية، وعَزَّز ذلك المشهد قولُ ربِّنا عز وجل في سورة الصافات: ﴿ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِب ﴾ [الصافات: 8 - 10]، واعتراف وإقرار الجِنَّة أنفسهم في سورة سمِّيت باسمهم:
﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ﴾ [الجن: 8]، فأمام هذا التعزيز وذلك الإقرار حُفِظت الرسالة من التلصُّص عليها، أو إخبار المَرَدة والشياطين بكُنْهِ نورها الأنور.
2- القرآن الكريم نصًّا ورسالة:
وكما أن الرسالةَ قد حُفِظت من تلصُّص واستراق المَرَدةِ والجن السَّمعَ لها، تعهَّد الله أيضًا بالحفاظ عليها من شياطين الإنس، وألاعيب وتحريفات أهلِ الفسق، فضمن لنا المولى عز وجل التعهُّد بالحفظ، أوردت ذلك بمقالي على شبكة الألوكة: (من أضاع العربية)، وكتابي (وتمرد القلم): "لما كان القرآن الكريم أعظمَ وأجلَّ وأفضل وأبلغ الكتب السماوية على الإطلاق؛ إذ لم يتعرَّض لتحريفٍ، وحاز كلَّ تشريف؛ فلم يخالط آياتِه شكٌّ أو ريب، وحفظه الربُّ العلي، وضمن لنا حفظَه بتعهد إلهي مسطَّر؛ ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9] - كان لا بدَّ أن تكون اللغةُ المصاغُ منها هذا الدستور الأعظم والكتاب الأمثل من أعظم اللُّغات، وأسمى الكلمات، لغة لا تقبلُ المقارنةَ ولا المنافسة حال ظهورِ مَن يحاولُ التشكيكَ في جمالِها وبهجتها، وما أكثرَ المشككين!"[1].
كما أنه لا يوجد عاقلٌ وَرِع منذ خلق اللهُ الخلق يُشكِّك في أن القرآن الكريم من كلام رب العالمين، وأن نصَّه يختلف تمامًا عن أي نصٍّ أرضيٍّ، أو كلام بشريٍّ؛ إذ هو سامٍ بسموِّ وعزة قائلِه، ولعلَّ قولَ ربِّنا عز وجل لنبيِّه: ﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾ [النمل: 6]، قد زاد هذا الأمر نبيَّنا تشريفًا وتكريمًا؛ فهذا كلام اللهِ لم يخلق؛ فبالتالي لا يندرجُ تحت قائمة الفناء.
و القرآن الكريم سهلٌ سَلِسٌ ميسر للذكر؛ ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، ترى الصغير في الروضة يحفظُه، وترى ابنَ السادسة يجمعُه في صدره، ويتلوه.
والقرآن الكريم الذى هو دستورُ تلك الأمة قد سرد آياتٍ ومعجزات لأنبياء الله مع قومهم، وكيف كان هلاك المُعرِضين بآيات عديدة جزاء وفاقًا لِمَا تقوم عليه تلك الرسالة على أساس من المعجزات الحسيَّة؛ كعصا موسى - مثلًا - أو ناقة نبيِّ الله صالح، أو طوفان قومِ نوحٍ عليه السلام، بل تفرَّد القرآن الكريم بما هو أعلى من ذلك؛ ألا وهي النبوءات، والبشارات، كما قرأت للدكتور مصطفى محمود في كتابه "القرآن محاولة لفهم عصريٍّ"، الصادر عن دار المعارف/ مصر:
"والقرآن الكريم كتابٌ حافل بالنبوءات، ومن هذه النبوءات ما تحقَّق في وقته، ومنها ما هو في انتظار ميعادِه"، وذكرَ غزوة "بدر الكبرى" وأورد قوله تعالى:﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ﴾ [الأنفال: 7]، وقولَه في سورة القمر: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ [القمر: 45].
وأيضًا بشَّر المولى عز وجل بدخول مكةَ قبلها بزمن، وجاء الوحي ليُؤَكِّد ما رآه النبي الكريم في رؤياه؛ ﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُم... ﴾ [الفتح: 27].
وأيضًا نبوءة لغير المسلمين؛ لتثبت قلوب المؤمنين أنفسهم، وتبين لهم إحاطة علمِه الواسع بما لم يَستطِعْ - أيًّا مَن كان - أن يحيط بما أحاط به في انتصار الروم على الفرس ﴿ الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ ﴾ [الروم: 1 - 4]، وكلنا يكاد يحيطُ بتفاصيل القصة.
ثم نأتي إلى مخاطبةِ القرآن لليهود: ﴿ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 4][2].
العديدُ من إعجاز الله تعالى في القرآن الكريم بما يخاطب العقل والقلب، ومن نفس الكتاب في جزئية "لا كهنوت" نفى الكاتبُ فكرة الكهنوت أن تلصق بالقرآن الكريمِ، ودلَّل بأمثلة من القرآن نفسِه تلغي وتدحضُ فكرة الكهنوت تلك التي كانت مرتعَ أهلِ الفسق وتجَّار الدين، ومَن يمتلك صكًّا للغفران أن من يكون وسيطًا بينَ اللهِ وخلقه؛ فذكر قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ﴾ [الزمر: 44]، وأيضًا الخطاب لسيد الخلق في قوله: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186].
وقوله تعالى لرسوله الأكرم: ﴿ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [الأنعام: 107].
وإحاطة الكاتب - أقصد: د. مصطفى محمود - بصفحات قيمة من خصائص الديانة الإسلاميَّة متمثلة في دستورها الأعظم القرآن الكريم - قد جعلَتْني أتصفَّح بدقَّة ما يقولُ في نفس الكتاب "محاولة لفهم عصري" حين تطرَّق لمسألة الغيب والغيبيَّات حين قال عن " الملائكة - الجن - الساعة - العرش - الكرسي - الروح- الميزان - اللوح - القلم - والبرزخ": إنها "طلاسم" إذ لم تطَّلعْ إليها عينٌ بشريَّة، ولا عين نبيٍّ، ولقد رأى سيدنا محمدٌ من آيات ربِّه الكبرى نماذجَ لأهل الجنة والنار بحادثة الإسراء والمعراج" فلا أتفق معه؛ إذ إنَّ وصفها بهذا الاسم "الطلاسم" مدعاةٌ لأهل الكفر والإلحاد بأن يقولوا في الدين الإسلامي ما يروجُ لبضاعتهم الفاسدة وأسواقهم الكاسدة؛ فتلك غيبيَّات أراد الله عز وجل أن نؤمن بها لقداستها، ومنها ما لا تطيقه عينٌ بشرية، ألا تذكرون الآية التي أورد الله فيها صعقَ نبيِّه الكليم موسى حين طلب رؤية ربِّه؟ وكلنا يعرف القصة ﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ... ﴾ [الأعراف: 143] إلى آخر الآيات.
لأن كلمة طلسم تعني: لغزًا لم يعرف بعدُ، وتلك غيبيات غيَّبها المولى عن عباده لطفًا بهم، وآيات ليوم العرض، فنحن مسلمون نؤمن بالكتاب كلِّه.
ولقد أرجأتُ الكلام عن خصائص القرآن فيما هو آتٍ من سيكولوجية الرسالة وخصائصها.
وأيضًا القرآن الكريم منصِف لأصحاب الرسالات السابقة من توراة، أو إنجيل، وصحف إبراهيم وموسى، ما جاء القرآن الكريم طمرًا لما سبق إلا بما ابتدَع أرباب الديانات الأخرى من رهبانيَّة وماديَّة؛ فالقرآن سَمْح كريم، وإنه لتنزيلُ ربِّ العالمين، نزَل به الروح الأمين سيدنا جبريل عليه السلام.
ويأتي الإنصافُ من ذكر قصص السابقين، وسرد مشاهدَ لم تَقعْ عليها عين مؤرخ بارع، ولا قاص ضالع في خوض أغوار النقل والسرد، فضلًا عن الروعة والبهاء في سرد الحكاية؛ فأعظمُ القصِّ قصُّ القرآن، فلو أننا تمعَّنَّا وأبصرنا مشهد مراودة زليخا زوجِ العزيز لسيدنا يوسف عليه السلام، لوجدنا الروعة في الإيجاز والإنجاز مع رسم المشهد كأنك تراه، وهنا تلميح لمن يُبرِّرون لأنفسهم في صناعة الأفلام والمسلسلات: لمَ لا يتصف محتوى معروضكم بالعفة والذكاء في عرضه؛ حتى لا تثيروا الفتنَ، وبدلًا من أن تعالجوا القضية تُشيعون لها؟!
وعودة لإنصاف تلك الرسالة للحقوق: الإنصاف في إحقاقِ الحقِّ، وتناول القضايا بصورة تستدعي إعمال العقل والهداية للتي هي أقوم.
فبنظرة عابرةٍ لحقوق الفرد فإن الديانةَ الوحيدة التي أنصفَتِ المرأة هي الإسلام؛ فلقد كُرِّمت طفلةً بتحريم وَأْدِها، وكُرِّمت بنتًا بتزويجها مَن ترضى به خلقًا ودينًا، وأمًّا ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ﴾ [الأحقاف: 15]، وربط رضاه عز وجل برضا الأم والوالد، وأيضًا وهي عجوز مسنة، وخصَّص لها الإسلام سورةً لحقوقها المادية كيف تَرِثُ إذا كانت بنتًا أو أمًّا، أو زوجة، أو جدة، أو عمَّة، أو خالة؛ هل جاءت عقيدة بمثل هذا الإنصاف؟ لكن المضلِّلين كُثُر!
وأيضًا عالج الدينُ الإسلامي قضية "الصراع الطبقي" بكل يسرٍ وإنصافٍ، حين قال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
والمنقول عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن أحبَّكم إليَّ أحاسنُكم أخلاقًا، الموطَّؤون أكنافًا، الذين يألفون ويُؤلفون، وإن أبغضَكم إليَّ المشاؤون بالنميمة، المُفرِّقون بين الأحبة، الملتمِّسون للبرآء العنت))؛ رواه الطبراني في "الأوسط" (7697)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (5 /263)، وابن عديٍّ في "الكامل" (4 /63).
ما أحوجَ الأمةَ الآن - وكل آن - إلى تلك المحامد الغالية!
وأما عن شمولية الرسالة فهي عامة شاملةٌ، لها الانتشار، وما هي بحكرٍ على أهل شبه جزيرة العرب وحدَهم، ولا دول المسلمين بل كل أقطاب الأرض، ومن ينكر ذلك فلينظر إلى الناسِ حينَ يؤدُّون فريضة الحج، وقد جاؤوا من كل فجٍّ عميق، ولا يتَّسِعُ المجال ولا الزمان لسرد مناقب القرآن، ولا حتى القشور التي تطيبت بفحوى محتواه.
ما تكلَّم عنه القرآن تفصيلًا أصبح مقدَّسًا لا اجتهاد فيه، كل المواريث مثلًا، وما تناولَتْه الآيات القرآنية إيجازًا تناولته السنةُ النبوية الشريفة تفصيلًا، وما سكت القرآن عنه أُمِرْنا بالسكوت عنه إشفاقًا ورحمة.
إن دينَنا لم يَسُدِ العالم بقوة سيفٍ ولا رمح، وإلا كنَّا كالحَمَلات السابقات والتاليات لغيرنا، نظهر زمنًا ثم يُؤذَنُ لنا بالاندثار؛ نحن أمة وسط ممدوحة بالوسطيَّة والأفضلية؛ لذا ساد دينُنا الحنيف جنبات الأرض، وستُشرِقُ الشمس يومًا وقد اخضوضر اليابسُ بفضل هذه العقيدةِ العالية التي ما علَتْ بتقديس لأصحابها قدر سموِّها بحسن المعاملة والتيسير.
تلك كانت أسبابًا سماويَّة علويَّة تمهِّد لسيادة هذا الدين وعالميَّته ولو كره المشركون.
ثم إلى تَكملةِ لأسباب أرضيَّة، وخير من وطِئ الثَّرى، وطيب بعطرِه جوَّ السماء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم - بإذن الله.
[1] شبكة الألوكة: مقال "من أضاع العربية؟! محمد صادق عبدالعال، وأيضًا كتاب: وتمرد القلم، الصادر عن دار النيل للطبع والنشر بمصر / ط 1 ص: 21.
[2] القرآن محاولة لفهم عصري؛ د/ مصطفى محمود، ص: 241، دار المعارف - مصر.
..~
گdt sN] hg]dk hghsgNld
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|