08-10-2018, 01:56 AM
|
|
|
|
|
9 اغسطس .درويش
في أحد الأيام ، كنتُ أتسكع فوق رصيف شارع قديم ، في وسط عاصمةٍ عربية .! ومن بين الزحام شاهدتُ بائع كتب يفترش الأرض ، وقد اتخذ من الرصيف رفوفا لعرض كتبه .! وقفتُ
مطأطئ رأسي أبحث في الرفوف الأرضية ، لعل هنالك ما يثير اهتمامي . التقطتُ كتابا ، جذبتني إليه ، صورة محمود درويش التي تملأ غلافه ، وقد حمل عنوانا : الأعمال الكاملة محمود
درويش .
تصفحته بشكل سريع ، واكتشفتُ أنه عبارة عن ثلاثة مجلدات من الحجم المتوسط . رغم أني أحب قراءة الشعر ولدي الكثير من القراءات في هذا الاتجاه ، إلا أنه لم يخطر على بالي أن أقرأ
يوما أعمال درويش الكاملة ، فجل معرفتي به مقتصرة على بعض القصائد المسموعة ، وبعض من لقاءته المنشورة ، ونتفا من أبياته المتداولة .! لا أعرف السبب الذي كان يأخذني بعيدا عن
قراءة أعمال درويش ، ربما لم يكن ثمة سبب محدد ، بقدر ماهي مسألة وقت فقط . ولكن أيا كان السبب ، فإنني وبعد أن اكتشفتُ في تلك اللحظة أنه فعلا ليس لدي معرفة كافية بهذا الشاعر
العربي الثائر ، الذي رقص بشعره بين التناقضات . حيث كان صاخبا حينا وهامسا حينا آخر . فقد قررتُ شراء أعماله الكاملة ، رغم المبالغة في السعر الذي طلبه مني البائع متذرعا : هذا
محمود درويش .!
نقدتُ البائع قيمة الكتب قطعا ورقية من الحجم الصغير ، طبع عليها صورة قائد تلك الدولة . وبالمقابل ناولني هو قطعا ورقية من الحجم المتوسط ، طبع عليها صورة محمود درويش .!
حملتها فغادرتُ . وفي داخلي شك من عدالة تلك المبادلة ، أقصد مبادلة الورق بالورق ، والصورة بالصورة .! إنما كنتُ أشعر بالرضا ، وسهولة في خطواتي .!
في وقت لاحق ، ولما كنتُ قد انهمكتُ في قراءة الأعمال ، والأوراق بين أصابعي تسفر عن القصائد ، بحيث الدلالات تتدفق منها ؛ خطر في ذهني أنه : ليس من الدقة وصف هذه الأوراق
بالأعمال الكاملة .! وأن ثمة الكثير مما لم يقله أو يكتبه درويش . ولكن بوسعنا القول : هذا ما أحس به محمود درويش .!
لقد ترك لنا محمود درويش نفسه مكتوبة على الورق ،أحاسيسه ، أفكاره ، هواجسه ، وساوسه ، كل ما كان يعتلج داخله ويشكل نفسه وجوهره . وغدا الخميس 9 أغسطس ، الذكرى
العاشرة لرحيل جسده عن هذا الوجود . ومن هنا جاءت ذكرى شراء أعماله ، وقد رغبتُ ذكره ولو في كلمة .
" فليس وراءنا إلا الوراء ! "
محمود درويش
9 hys's >]v,da
...
سيعلمك النضج
كيف ترفع لواء الرحمة
بعدما كنت ترفع لواء الملامة،
وكيف ترفع شعار التصالح
بعدما كنت تدق أجراس الإنذار؛
لم تتغير المواقف،
ولكن طريقة الرؤية تحدد معالم الأشياء،
عمق النضج مرهونٌ بسعة التصورات،
والإنسان لا يؤتى من قلة علمه،
وإنما يؤتى من قلة نضجه ! "
|
7 أعضاء قالوا شكراً لـ أيلُول . على المشاركة المفيدة:
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 12:01 PM
|