من منزلهم بجدة .. والدة أسامة بن لادن تتحدث للمرة الأولى وتكشف تفاصيل حياته
"كانت حياتي صعبة للغاية؛ لأنه كان بعيداً جداً عني، كان طفلاً جيداً جداً وكان يحبني كثيراً .. لقد غيّره الناس، لقد أصبح رجلاً مختلفاً"، جاء ذلك في حديث "علية غانم"؛ والدة أسامة بن لادن؛ مع صحيفة "الجارديان" البريطانية.
التقت "الجادريان" والدة أسامة بن لادن؛ في منزلها بمدينة جدة، حيث كانت الأسرة حذرة في المفاوضات الأولية للقاء خوفاً من فتح الجروح القديمة، لكن عقب أيام عدة من النقاش كانت الأسرة جاهزة للتحدث، وتمّ اللقاء في أوائل شهر يونيو الماضي.
جلست "علية غانم"؛ بين أخوي أسامة غير الشقيقين أحمد وحسن، وتتذكّر أن ابنها الأول كان خجولاً في بديات عمره، إلا أنه في العشرينيات أصبح شخصية قوية، قائلة "لقد غيّره الناس في الجامعة، لقد أصبح رجلاً مختلفاً".
وتضيف، "لقد كان طفلاً جيداً إلى أن التقى بعض الأشخاص الذين غسلوا دماغه في أوائل العشرينيات من عمره، كنت أقول له دائماً أن يبتعد عنهم، ولم يعترف لي أبداً بما كان يفعله؛ لأنه أحبني كثيراً".
أحد الرجال الذين قابلهم هو عبدالله عزام؛ وهو عضو في جماعة "الإخوان المسلمين"، الذي غادر لاحقاً المملكة العربية السعودية، وأصبح مستشاراً روحياً لأسامة.
"علية غانم"؛ في الأصل من مدينة اللاذقية الساحلية السورية، حيث نشأت في عائلة "علوية"، وانتقلت إلى المملكة العربية السعودية في منتصف الخمسينيات، وولدت أسامة في الرياض عام 1957، وبعد ذلك بثلاث سنوات طُلقت من والده، وتزوجت من "محمد العطاس"؛ الذي كان آنذاك مسؤولاً في إمبراطورية بن لادن الوليدة، في أوائل الستينيات"، ولدى والد أسامة 54 طفلاً من 11 زوجة.
في أوائل الثمانينيات، سافر أسامة إلى أفغانستان لمحاربة الاحتلال الروسي، يقول حسن؛ الأخ الأصغر لأسامة "كل مَن قابله في الأيام الأولى احترمه .. في البداية، كنا فخورين به ثم جاء أسامة المجاهد".
ويوضح قائلاً "أنا فخورٌ به جداً كأخ أكبر لقد علمني الكثير، لكنني لا أعتقد بأنني فخورٌ به كرجل وصل إلى النجومية على المسرح العالمي، لكن كل ذلك في النهاية من أجل لا شيء".
وتتداخل والدته: "أسامة كان مستقيماً جداً، وجيداً في دراسته، وكان يحب الدراسة، لقد صرف كل أمواله في أفغانستان؛ حيث كان يتخفّى تحت ستار أعمال العائلة".
وتابعت "لم يخطر ببالي أبداً أن يصبح في هذا الطريق المخالف، وكنا مستائين للغاية، لم أكن أريد أن يحدث أي شيءٍ من هذا".
وتقول العائلة إنهم رأوا أسامة آخر مرة في أفغانستان عام 1999، وهو العام الذي زاروه فيه مرّتين في قاعدته خارج مدينة قندهار مباشرة.
وتتابع والدته حديثها "لقد كان مكاناً بالقرب من المطار، كان سعيداً جداً باستقبالنا، كان يظهر لنا كل يوم كنا فيه هناك، واصطاد حيواناً، وكانت وليمة، ودعا الجميع".
وحين تغادر والدة أسامة بن لادن؛ إلى غرفة مجاورة يواصل إخوته الحديث، مشيرين إلى أنه رغم مرور 17 عاماً منذ أحداث 11 سبتمبر مازالت تنكر أن أسامة له يدٌ في تلك الجريمة، وترفض إلقاء اللوم عليه، وتلوم الآخرين من حوله؛ كونها أماً وتعرف الجانب الطفولي الصالح.
ويقول "أحمد"؛ حول واقعة أحداث 11 سبتمبر "لقد صُدمت وذُهلت.. كان شعوراً غريباً، فقد عرفنا من البداية خلال الـ 48 ساعة أن أسامة خلف ذلك من الأصغر إلى الأكبر سناً، عرفنا ذلك وشعرنا بالخجل منه، كنا نعلم أننا جميعاً سنواجه عواقب رهيبة، وعائلتنا في الخارج عادت جميعاً إلى السعودية، لقد كانوا مشتتين في سوريا ولبنان ومصر وأوروبا".
وتقول العائلة: إن السلطات استجوبتهم جميعاً، ومنعتهم من مغادرة البلاد لبعض الوقت، بعد قرابة عقدين من الزمان، يستطيع ابن لادن التحرُّك بحرية داخل المملكة وخارجها.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن القيادة السعودية الجديدة تريد الإسلام المعتدل، فهي دولة أغلبية سكانها من الشباب، وقامت بالكثير من الإصلاحات في الحياة الاجتماعية والحرية الفردية.
ومن أبرز ما شهدته السعودية قيادة المرأة السيارة، وتغييرات في سوق العمل والقطاع العام، وفتحت دور السينما، وبدأت حملة الفساد.
وتضيف: إن بن لادن أصبح هدفاً والمطلوب الإرهابي الأول في العالم، ووفقاً لأحد ضباط المخابرات، أن بن لادن حاول استخدام السعوديين عن عمدٍ لمخطط 11 سبتمبر، في محاولة للتحريض على بلده لكنه لم ينجح.
وأشارت إلى أن الاستخبارات السعودية شعرت قبل أحداث سبتمبر أن هناك شيئاً مزعجاً وتلقت تحذيراً حول شيء مُثير يُوشك أن يحدث للأمريكان والبريطانيين والفرنسيين والعرب.
وقالت إن المملكة سمحت لعائلة أسامة بن لادن بالعودة، وقال أحمد؛ الأخ غير الشقيق لأسامة "إنه تمّ السماح للزوجات والأطفال بالعودة، ويتمتعون بالحرية ".
وقالت والدة أسامة التي انضمت مجدّداً للمحادثة، "أتحدث إلى زوجاته في معظم الأسابيع إنهن يعشن في مكان قريب".
وحول حمزة بن أسامة؛ البالغ من العمر 29 عاماً، والمصنّف إرهابياً عالمياً من قِبل الولايات المتحدة، قال عمه حسن: "اعتقدنا بأن الجميع انتهى من هذا الأمر، ولو كان أمامي الآن سأقول له "هداك الله" فكّر مرتين فيما تفعله لا تستعيد خطوات والدك، ما تفعله مرعب".