كل ما يوقف لمصلحة المسجد ، المرجـع في تنفيذه هو نص وصيـة الواقف له ، وشرطه معتبر ما لم يخالف الشريعة الإسلامية .
وما يوقف لمصلحة المسجد ينقسم من جهة المستفيد منه إلى قسمين :
القسم الأول : ما يختص بذات المسجد ، وما فـيه كـالفرش وآلات التبريد والتدفئة ، وغيرها من الأدوات الكهربية ، والكتب النافعة .
فـعلى الناظر تنفيذ وصية الواقـف في هذا ، فـإن كـان الوقف على المسجد مطلقا ، فله أن يشتري للمسجد ما يحتاجه من هذه الأشياء ، وأن يصرف مبالغ من الوقـف على إصلاح المسـجد وترميـمه عند - ص 93 - الحاجة ، وإصلاح مرافقه ، ثم يدخر ما زاد عنده من ريع الوقف لعمارة المسجد وصيانته . وله المتاجرة بهذه الغلة لتنمو ويكون ذلك بإذن حاكـم شرعي ، فـإن خيف ضياع المال أو استيلاء ظالم عليه فليدخره لمصلحة المسجد لأنه أصلح .
ويجوز أن يستـغل ما تحت المسجـد أو فوقـه من بناء لمصلحة المسجد ، كحوانيت أو منازل تؤجر ، أو يسكن القائمون على مصالح المسجد فيها .
وإن نص الواقف على عمارة المسجد ، فيصرف على البناء ، وبناء المنارة ، والمنبر ، والنوافذ ، ونحوها ؛ مما يعتبر من البناء .
القسم الثاني : ما يوقف لمصلحة القائمين على المسجد كالدار التي توقف للإمام أو المؤذن أو الخـادم ، فـإن نص الواقف أنهـا وقف لإمام المسجد ، فله سكناها ، وله أن يسكنها من يشاء ، وأن يؤجرها ، وعليه إصلاح ما يفسد فيها حال استغلاله لها ، وإن قال : " وقفت هذه الدار ليسكنها إمام المسجـد ، فإن استـغنى عنها فهي لمصلحة المسجـد " . فليس للإمام إلا سكناها أو تركـها ، وليس له تأجيرها وأخذ غلتها .
ويشترك هذان القسمان في غلة وقف معين وقفه صاحبه ، فإن قال : وقفت هذه الدار للمسجـد ولإمـامه ، فنصفها لمصلـحـة المسـجد ، ونصفها للإمام ، وإن قـال : وقفت هذه الدار للإمام ليسكـنهـا فـإن - ص 94 - استغنى عنها فهي للمسجد . فقد تقدم ذكـره آنفا . والحاصل أن عبـارات الواقف مـعـتبرة فـي وصـيـته مـا لم تخـالـف الشـريعـة الإسلامية .
وإن مات إمام المسجد أو من يقوم بشـأن المسجد فـمن بعـده من أوصى له الواقف المتوفى ، أو من يعينه الواقف الحي بنفسه ، فإن كان الواقف ميتا ولـم يعين أحدا ، أو حيا ولم يعين أحدا ، فإن القاضي هو الذي يعين بديلا للإمام تتوفر فيه شروط الإمامة وإن كانوا في بلد ليس لإمام المسلمين به نائب ، فإن جماعة المسجد يولون من يرون فيه الصلاح .
ومما ينبغي التنبه له : أنه لا يجوز وقف شيء محرم للمسـجد ، كسجاد حرير ونحوه ، ولأن الوقف لأجل شيء محرم كبناء القبور بالمساجد أو الزخرفة عند من يرى تحريمها حرام .
ولا يحل للمؤمن أن يستغل أوقاف المسجد التي لم توقـف عليه لمصالحه الشخصية ، كـاستخدام فرش المسجد في الحفلات ، أو وضع بضاعة له ونحوها بالمسجـد ، وجعله مخزنا له ، فإن فـعل فعليه أجـرة المثل ، وإن أتلف شيئا لزمه رد مثله .