وضع الستائر في المسجد مما كثر بين الناس في عصرنا هذا ، وقـد تطرق بعض الفقهاء - رحمهم الله تعالى - إلى مسألة وقف الستائر في المساجد في باب الوقف ، واختلف فيها على قولين :
القول الأول : يـجوز وقف الستائر في المساجد . قال . بهذا الزركشي والعز بن عبد السلام وحكي عن بعض الحنابلة .
القول الثاني : لا يصح وقف الستور لغير الكعبة ، ويبطل إن أوقـفه لغيرها ، قـال بهـا ابن عقيل وابن الزاغوني وأبو الخطاب من الحنابلة . إلا أن أبا الخطاب قال بصحة الوقف ، وينفق ثـمن الستـائر على عمارته ، ولا يستر . - ص 118 - الأدلة : استدل القائلون بالجواز بأن الكـعبة تستر وهي مسجد ، والمساجد بيوت الله مثلها ، فيجوز سترها .
واستدل المانعون بأنه بدعة لم يحدث في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وألا أحدثه الصحابة من بعده .
قلت . والمتأمل لهذه الستائر يجد فيها أنواعا تحتوي على الزخرفة ، فوضعها في المسجـد له حكـم الزخرفة ، وأنواعا أخرى توضع لحـفظ البرودة أو لاتـقاء الحرارة ، فـهي من مصلحة المسجد لا حرج فـيها . وهكذا لو عملت فاصلا بين الرجال والنساء ، فأما إذا لم تكن لمصلحة فهي من الإسراف المنهي عنه ، إن لم تشتمل على زخارف .
ولقد ذكر القاسـمي أن بعض المساجد - في غير هذه البلاد - يوجد بها ستائر على زوايا المسجد ، أو على جـانب حائط ، أو على عمود ، ويزعمون أنها لمقام فلان ، أو أنه كان يحـضر حـيا في هذا المكان ، فيقدسونه لأجل ذلك ، وربما تمسحوا به ، وربما زعموا أنه قـبره ، وربما عبدوه من دون الله ، نعوذ بالله من الشرك . ثم ذكـر حوادث تؤيد قوله وذكـر غيره : أن هذه الستـائر تحوي كلمات فـيهـا شرك كالاستغاثة بغير الله . وهذا والله من ألاعيب الشيطان ومن انتشار الجهل بالدين ، نسأل الله العفو والعافية