05-14-2018, 10:40 PM
|
|
|
|
شرح حديث : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ
نبدأ أولًا بشرح كتاب الجامع من بلوغ المرام، ولا زلنا في باب الترهيب من مساوئ الأخلاق
وصلنا إلى حديث حذيفة رضي الله عنه قال: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وهذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم كما قال المصنف رحمه الله.
ألفاظ الحديث:
قوله: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ» المراد بالدخول هنا الدخول المطلق الذي لم يسبق بعذاب
وليس المراد به مطلق الدخول، هناك فرق بين الدخول المطلق ومطلق الدخول.
فدخول الجنة ينقسم إلى قسمين، قسم هو مطلق الدخول، وهو يدخلها بلا حساب ولا عذاب
كما في حديث السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب.
القسم الثاني: الدخول المطلق، بأنه دخول يسبق بحساب وعذاب، الدخول المطلق هو الذي
لم يسبق بحساب ولا عذاب، وأما مطلق الدخول فهو الدخول الذي يسبق بحساب وعذاب
عندنا الدخول المطلق وعندنا مطلق الدخول، الدخول المطلق إذًا هو المراد بهذا الحديث
والذي لم يسبق بعذاب وحساب.
هو المراد بالحديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب،، فهو إذًا الدخول المطلق
هو الأكمل، هو الذي يدخل الجنة صاحبه بلا حساب ولا عذاب، أما مطلق الدخول فهو يسبق بحساب
وعذاب، إذًا هناك فرق بين المصطلحين، انتبهوا لهذا الفرق، عندنا مطلق الدخول وعندنا الدخول المطلق.
المراد بهذا الحديث الدخول المطلق الذي لم يسبق بحساب ولا عذاب وهذا الدخول المطلق
لا ينفي دخول الجنة، لأنه قد يدخل الجنة بعد ذلك، لكنه حُرم من الدخول المطلق فقط
لا من مطلق الدخول، وبهذا يزول الإشكال الذي قد يورده بعض الناس.
مثلًا: لا يدخل الجنة نمام، لا يدخل الجنة قتات، وأهل السنة والجماعة معتقدهم أن مرتكب الكبيرة
غير مخلد في النار، فكيف نجمع بين هذا وهذا؟ فنقول أن نفي الدخول بهذا الحديث الدخول الطلق
لا مطلق الدخول، أي الدخول الكال الذي لم يسبق بحساب ولا عذاب، هذا هو المنفي
لا مطلق الدخول، لأنه قد يعذب ثم يدخل الجنة.
قوله: «قتات»، «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ»، قتات القاف والتاء المشددة، والمراد به النمام
القتات هو النمام، ولهذا في الرواية الأخرى: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نمام».
أبرز وفوائد هذا الحديث:
أولًا: دل هذا الحديث على تحريم النميمة، وأنها من كبائر الذنوب، وذلك لأنه قد رتب عليها هذا الوعيد
وهو نفي دخول الجنة، وسبق أن ذكرنا في دروس سابقة ضابط الكبيرة، ما هو ضابط الكبيرة؟
كل ما رتب عليه حد في الدنيا أو عقوبة في الآخرة من لعن أو سخط أو نار أو نفي دخول الجنة
أو نفي إيمان ونحو ذلك، هذا هو ضابط الكبيرة، فجميع المعاصي التي فيها حدود هذه من الكبائر
أي معصية تجد فيها لعن الله من فعل كذا أو لعن رسول الله من فعل كذا أيضًا هي كبيرة، أو غضب أو سخط
أو نار، من فعل كذا دخل النار، أو نفي إيمان، لا يؤمن من فعل كذا، أو نفي دخول الجنة كما في هذا الحديث.
إذًا هذا الحديث أن النميمة من كبائر الذنوب، وسبق في الدرس السابق أن النميمة من أبرز أسباب
عذاب القبر، جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين
فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، بلى إنه كبير، أما احدهما فكان يمشي بالنميمة بين الناس»
فدل هذا على أن النميمة من أسباب عذاب القبر.
ثانيًا: الحكمة من تحريم النميمة ما يترتب عليها من المفاسد العظيمة، بإلقاء العداوة بين الناس والتحريش
وإذكاء الخصومات، والبغضاء، ولهذا جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ؟ هِيَ النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ». هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، والعض
يعني السحر، اعتبرها النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع السحر، ولهذا الشيخ محمد بن عبد الوهاب
في كتاب التوحيد ذكر هذا الحديث في باب بيان شيء من أنواع السحر، لأن النميمة تفعل في التفريق
بين الناس وفي الافساد وفي التحريش وإلقاء العداوة والبغضاء ما يفعله السحر أو أشد، إذا كان الله تعالى
يقول عن السحر: {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:102]
يحصل به التفريق بين المرء وزوجه وبين البشر عمومًا، كذلك النميمة يحصل بها التفريق بين الناس.
ولذلك عدت من أنواع السحر لهذا المعنى.
ثالثًا: النميمة هي نقل الكلام من شخص إلى آخر على سبيل الافساد، أما إذا لم يكن على سبيل
الافساد إنما كان على وجه النصيحة أنها لا تعد من النميمة ولا يدخل هذا في الوعيد.
مثال ذلك: رجل اغتر بشخص أصبح يثق فيه، وهذا الذي قد اغتر به إنسان مسيء عنده معتقدات
منحرفة أو أنه يفشي أسرار بين الناس أو نحو ذلك، ويتحدث في هذا الرجل في غيبته، فهنا
لا بأس أن يأتي إليه ويحذره منه، لأنه على سبيل النصيحة هنا.
وليس على سبيل الافساد، يقول فلان هذا الذي تثق فيه أنه ليس بأهل للثقة ويفعل كذا وكذا
ويقول كذا وكذا، فينقل الكلام على سبيل النصح، وليس على سبيل الافساد، هذا لا بأس به
إذا كان على سبيل النصح، لكن على هذه الحدود الضيقة.
لأن بعض الناس يتوسع، بعض الناس يمشي بالنميمة ويقول أنا قصدي النصيحة، هذا غير صحيح
لكن في حدود ضيقة إذا كان على سبيل النصيحة وليس على سبيل الافساد لا بأس بنقل الكلام حينئذ، لأنه لا يدخل في النميمة.
كما أن الغيبة تجوز في مواضع أيضًا، النميمة أيضًا كذلك هنا إذا كانت على سبيل النصيحة وليس على سبيل الافساد والتحريش.
إذًا عرفنا أن النميمة من كبائر الذنوب، الغيبة هل هي من الكبائر؟
سبق أن ذكرنا الخلاف في الدرس السابق، ما الذي رجحنا؟.
أنها على مراتب، قد تكون كبيرة وقد تكون صغيرة، فإذا كانت مثلا غيبة مرتبطة بالبهتان والكذب
والقذف فهي من الكبائر، إذا كانت غيبة مثلا لإنسان كبير يترتب عليها مفاسد تكون من الكبائر
إذا لم يترتب عليها مفاسد كبيرة وليس فيها كذب هذه قد تكون من الصغائر.
القول الراجح إذًا أنها على مراتب متفاوتة بحسب حالها، أما النميمة فهي من الكبائر مطلقًا، ولهذا ورد فيها
أكثر مما ورد في الغيبة، أو أشد مما ورد في الغيبة، هذه أبرز الفوائد الأحكام المتعلقة بهذا الحديث.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ سعد بن تركي الخثلان
avp p]de : gQh dQ]XoEgE hgX[Qk~QmQ rQj~QhjR p]de dQ]XoEgE
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ شموع الحب على المشاركة المفيدة:
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
المواضيع المتشابهه
|
الموضوع |
كاتب الموضوع |
المنتدى |
مشاركات |
آخر مشاركة |
حديث
|
شكيبيان |
هذيان الروح ▪● |
8 |
08-11-2017 05:09 AM |
شرح حديث ..
|
شموع الحب |
هدي نبينا المصطفى ▪● |
27 |
10-25-2016 07:13 AM |
وما حديث الليل إلا حديث شجن وحنين وذكريات
|
غآده العبدالله |
» » إبداعي | Creative ! واهدائتهم Bag designer |
51 |
09-17-2015 11:21 AM |
حديثگ مع نفسگ سر قوتگ..؟
|
حگـَآيآ آلّمطـرُ |
[ عآلم آلنجآح وتطوير آلذآت▪● |
16 |
03-19-2015 01:43 AM |
الساعة الآن 08:32 PM
|