أعلن رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز؛ اكتشاف آثار أقدام إنسان قديم على ضفة بحيرة قديمة في صحراء النفود على أطراف منطقة تبوك بالمملكة العربية السعودية يعود عمرها إلى 85 ألف عام؛ ما يعد اكتشافاً مدهشاً ونادراً جداً يظهر اتساع انتشار الإنسان خارج إفريقيا ووصوله إلى شبه الجزيرة العربية ضمن مناطق الهجرات البشرية الأخرى.
جاء إعلان الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز؛ على هامش زيارته أمس، معرض "طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور", الذي نظّمته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المتحف الوطني الياباني في طوكيو ويختتم الأحد المقبل.
وقال رئيس "السياحة": فريق سعودي دولي مشترك عثر على آثار أشخاص راشدين كانت متفرقة على أرض وحلة في بحيرة قديمة كل منهم يسير إلى وجهة مختلفة ربما كانوا صيادين يجوبون أرجاء البحيرة بحثاً عن طعام، لافتاً سموه إلى أن هذه الاكتشافات تخضع لمزيد من الدراسات المتخصّصة.
وأضاف: عمر آثار الأقدام يتعاصر مع أحفورة أصبع إنسان عاقل عثر عليها أخيراً بالقرب من موقع الوسطى في محافظة تيماء يعود عمرها إلى 85 ألف سنة، وسبق أن أعلنتها الهيئة، ويرجّح أنه من أوائل المهاجرين في العصر الحديث إلى الجزيرة العربية وعبر صحراء النفود التي كانت آنذاك مراعي خضراء غنية بالأنهار والبحيرات والمياه العذبة ووفرة الحيوانات التي كانت مصدر غذاء للإنسان.
وأشار إلى أن الهيئة العامة السعودية للسياحة والتراث الوطني، تعمل جنباً إلى جنب مع علماء آثار بمعهد ماكس بلانك لعلوم تاريخ الإنسان الألماني، الذي بدأ العمل مع الهيئة منذ سنوات، وذلك لاستجلاء آثار هذه الأقدام ومعرفتها بدقة، وما زالت أعمال الاستكشاف الأثرية والعلمية قائمة في مختبرات عالمية.
وأردف: هذه الأعمال تأتي ضمن "مشروع الجزيرة العربية الخضراء"، الذي تنفّذه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع جامعة أكسفورد البريطانية وعدد من الجهات العلمية المختصّة في المملكة، من بينها: هيئة المساحة الجيولوجية، وشركة أرامكو، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك سعود، وجامعة حائل، الذي يتضمن دراسات أثرية بيئية معمقة لعديد من المواقع الأثرية بالمملكة شملت مواقع البحيرات القديمة في صحراء النفود وصحراء الربع الخالي، إلى جانب مواقع أخرى ارتبطت بوجود الإنسان خلال فترة ما قبل التاريخ.
وتابع: مشروع الجزيرة العربية الخضراء يتناول العلاقة بين التغييرات المناخية التي تعرّضت لها شبه الجزية العربية على مر العصور وبين بداية الاستيطان البشري في البلاد وهجرة البشر إليها عبر قارات العالم القديم، حتى الآن، حيث كشفت الدراسات أدلة على وجود مئات البحيرات، والأنهار، والغابات، والكائنات في أنحاء الجزيرة، وقد نشأ حولها عديد من الحضارات المتعاقبة.
وقال رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني: هذه الاكتشافات المهمة تبرز المكانة التاريخية للمملكة وعمقها الحضاري، وكونها مهداً لبدايات الحضارات الانسانية، لافتاً إلى أن الأعمال المتعلقة بالآثار، وفي مقدمتها التنقيبات والاكتشافات الأثرية تحظى بمتابعة واهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود, الذي عاصر قطاع الآثار منذ نشأته وما زال متابعاً وقريباً لأنشطته وأعماله.
وأضاف: المملكة العربية السعودية ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وشركائها في الجامعات السعودية أصبحت ضمن الدول المتقدمة عالمياً في مجال البحوث والاكتشافات الأثرية، لا سيما في السنوات الأخيرة مع الإعلان عن اكتشافات مهمة حظيت بأصداء عالمية واسعة.
وأردف: هذه المكتشفات الأثرية تعكس البُعد الحضاري للمملكة، وأنها ليست طارئة على التاريخ، وأن المكانة التي تحظى بها اليوم بين دول العالم على المستويات الدينية والسياسية والاقتصادية والحضارية إنما هي امتداد لإرث حضاري عريق، وأن الدين الإسلامي العظيم الذي خرج من هذه الأرض المباركة قد خرج إلى العالم من أرض غنية بتاريخها وحضارتها واقتصادها.
وكان الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز؛ قد أعلن في المحاضرة التي ألقاها في الأكاديمية الفرنسية للنقوش والآداب بباريس في يونيو 2016م, آخر الاكتشافات الحديثة والمهمة في المملكة والمتمثلة في الكشف عن عظمة بشرية وُجدت في البحيرة الجافة بمحافظة تيماء وتُعد أقدم عظام بشرية وُجدت في الجزيرة العربية, منوّهاً إلى أن المكتشفات الحديثة أثبتت وجود بحيرات وأنهار قديمة كانت السمة العامة للجزيرة العربية.
وأشار إلى أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أطلقت مشروع "الجزيرة العربية الخضراء" عام 2012م, بالتعاون مع جامعة أوكسفورد كمبادرة لدراسة العلاقة بين التغييرات المناخية التي تعرّضت لها شبه الجزيرة العربية على مر العصور وبين بداية الاستيطان البشري فيها وهجرة البشر إليها عبر قارات العالم القديم حتى الآن.
وكشف العثور في الأطراف الغربية من صحراء النفود، على أحفورة "ناب الفيل" ضمن مجموعة كبيرة من الأحافير لحيوانات عديدة شملت الغزلان بما فيها المها العربي والأبقار والجواميس البرية والخيل والذئاب وأفراس النهر والنمور والطيور والفيلة، والموقع يمثل بحيرة قديمة تشير الدلائل الأثرية والجيولوجية فيها، إلى أن عمرها يزيد على خمسمائة ألف سنة مضت، في حين أرَّخت الأحافير التي وُجدت بنحو 335 ألف سنة قبل الوقت الحاضر.
وذكر رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني, أن المكتشفات الأثرية حتى الآن أثبتت أن بداية الاستيطان البشري في أرض المملكة العربية السعودية تعود إلى العصر الحجري القديم الأسفل منذ مليون ومائتي ألف سنة قبل الوقت الحاضر.