يجوز أن يسـمى المسجـد باسـم شخص مـعين . قـال ابن حجـر : " والجـمهور على الجواز ، والمخـالف في ذلك إبراهيم النخعي " قلت : روى ابن أبي شيبة أن إبراهيم النخعي لا يرى بأسا أن يقول : مصلى بني فـلان . فهـذا معـارض لقول ابن حـجر ، ولعله رواية أخرى عنه . فتسمية المسجد باسم قبيلة أو رجل أو امرأة كل ذلك - ص 90 - جائز ، ويستدل له بما يلي :
1 - قوله - صلى الله عليه وسلم - : صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه ، إلا المسجد الحرام . الشاهـد : " مسجدي هذا " .
وجه الدلالة :
حيث نسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسجد الذي بناه في المدينة إلى نفسه الشريفة ؛ مما يدل على جواز ذلك .
2 - عن ابن عمر - رضي الله عنه - " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسـجد بني زريق " . رواه البخاري . الشاهد : قوله : " مسجد بني زريق " .
وجه الدلالة :
حيث إن ابن عمر - رضي الله عنه - ذكـر اسم المسجد الذي عرف به على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد كانت المساجد تسمى بأسـماء أشخاص ، والصحـابة - رضوان الله عليهم - يـعلمون ذلك ، ولم يثبت عن أحـد منهم فيما أعرف إنكار لهذه التسميات . - ص 91 - 3 - روى ابن أبي شيبة عن زر بن حبيش والربيع بن خيثم أنهـما يقولان : مسجد بني فلان ، وأن جـابرا قال : " فأتى مسجد معاذ " .
فهذا الأثر وما تقدم من أدلة : دليل على أنه يجوز تسمية المسجد بأسماء أشخاص ، وإضافتها إليهم لا تفيد التمليك ، وأما إضافتها إلى الله تعالى فهي إضافة تشريف وتكريم .
وأما إضافتها إلى المخلوقين : فـهي إضافة تمييز بين المساجـد . ومن فوائدها : أن من صلى في المسجد يدعو لمن أوقفه بعينه .
وقد اهتم المسلمون بواقف المسجد ، وجعلوا له حق نصب الإمام في المسجد . قال في الإنصاف : " ولناظر المسجد التقرير في الوظائف قاله الأصحاب . قال في الأحكام السلطانية : وإن كان من المساجد التي - ص 92 - يبنيها أهل الشوارع والقبائل فلا اعتراض عليهم ، والإمامة فـيها لمن اتفقوا عليه " . ا . هـ مختصرا لكن أن يضع واقف المسجد اسمه في لوحـات ضخمة فـي كل مكان خـارج المسجد وداخله وفوق محرابه ، ويسعى للرياء والسـمـعة ؛ فـذلك البلاء العظيم ، وتلك المصـيبـة الكبيرة ؛ إذ أوقع نفسه في الشرك الخـفي ، ولم يخلص نيته لله ، فـهذا الواقـف لا يستفـيد من وقـفه ، لأن الله - تـعالى - أغنى الشركـاء عن الشرك .