أشهر الجزر المفقودة في العالم هي اتلانتس التي تساءل عنها الكثير وعن مكانها وظهر لها فيلم من ديزني في محاولة للتوصل إلى مكانها لكن في هذا المقال سنتحدث عن جزيرة مختلفة تمامًا.
ذات مرة في مياه ليست بعيدة قبالة سواحل صقلية كان هناك جزيرة تسمى فردنانديا. تقع حيث مضيق البحر بين صقلية و تونس و هو موقع استراتيجي لأي قوة بحرية ترغب السيطرة على الحركة في البحر الأبيض المتوسط. وكان هناك صراع قوي و حرب سيادة وسيطرة بين اربع دول قوية قد بدأت بعد وقت قليل من اكتشاف الجزيرة ولكنها لم تدم طويلا لان بعد اقل من 6 شهور كانت الجزيرة قد غرقت بالبحر مرة أخرى. والان بعد ما يقارب المئة عام من المنتظر ان تبدأ الجزيرة بالارتفاع مرة أخرى نحو السطح.
تبدا قصة الجزيرة في يوليو 1831. حيث بدأت سلسة من الهزات و رائحة لاذعة من الكبريت و كان هذا دليل على ثوران بركان في احد الأماكن و لكن حتى الان ليس هناك شيء غير عادي في ذلك فصقلية بركانية و قد اعتاد السكان على الثورات الكبيرة و الصغيرة و لكن الشئ الغريب انه لم يكن هناك أي علامات عن الثوران على الجزيرة.
بعد بضعة أيام شوهدت أعمدة دخانية كبيرة تخرج من البحر. في البداية اعتقد الناس انها سفينة محترقة في البحر. ولكن بعبور بارجة بالقرب من المنطقة وشاهد قبطانها فقاعات المياه و الأسماك النافقة حولها كان على يقين انه وحش البحر. ولم يمر أسبوعين حتى تم الإعلان عن اكتشاف جزيرة جديدة.
طوال شهر يوليو و ما يليه اخذت الجزيرة في النمو اكثر حتى اصبحت معلما بارزا يمكن مشاهدته من سواحل صقلية و كان لا يزال البركان نشطا يقذف الحمم الساخنة من فوهته. وصلت الجزيرة في نهاية المطاف الى ارتفاع 63 متر بمحيط الجزيرة 4.8 كم كما تكونت هناك قمة على الجانب الشمالي الشرقي مع السهل في الوسط حيث شكلت اثنان من البرك الصغيرة.
ان جزءا كبيرا من الصخور ظهرت في موقع تكتيكي الى الممرات الملاحية الرئيسية من خلال البحر الأبيض المتوسط. وعلى كل امة لها وجود بحري في المنطقة ادركت ان كل من يسيطر على هذه الجزيرة يملك السيطرة التجارية و العسكرية في هذه المنطقة.
اول من سيطر على الجزيرة كان البريطانيون فقد انزلوا سفينة بحرية على الجزيرة ووضعوا عليها العلم البريطاني و اعلنوا انها أراضي بريطانية و اسموها جزيرة جراهام الأول لورد من الأميرالية وقد نظر ملك صقلية فرديناد الثاني على انه تعدي على مياه صقلية فارسل كورفت للمطالبة بالجزيرة و اطلق عليها فردنانديا تكريما لنفسه و أظهرت اسبانيا اهتمام أيضا للسيطرة على الجزيرة و اخر من دخل للمشهد هم الفرنسيون.
احتدم الصراع بين البلدين لمدة 5 شهور في الصحف و عبر القنوات الدبلوماسية. وقد سافر السياح لرؤية هذه الجزيرة و بحيراتها الصغيرة. حتى أعلنت فرنسا عن انشاء منتجع سياحي من الدرجة الأولى على شواطئها ولم ينتبه احد الى ان الجزيرة تنسحب ببطء في المحيط.
كانت المواد البركانية التي شكلت الجزيرة مجزأة وناعمة جدا لدرجة انها لم تتحمل أمواج المحيط ففور توقف ثوران البركان اخذت الجزيرة في التآكل بشكل سريع وبحلول 17 ديسمبر عام 1831 اختفت الجزيرة ووصل الصراع لنهاية سالمة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي ظهرت فيها الجزيرة في هذه الرقعة من المحيط. حيث ذكر ان الجزيرة قد ظهرت لأول مرة اثناء الحرب البونيقية الأولى في القرن الثالث قبل الميلاد منذ ذلك الحين ظهرت و اختفت حوالي اربع او خمس مرات. وظهرت لمدة قصيرة مرة اخري عام 1863. قبل ان تغرق مرة اخري في البحر. ومنذ ذلك الحين جزيرة فرنانديا او جزيرة جراهام تقع على عمق 8 امتار من سطح البحر و يحب ان تعرف السفن ذلك لتتفاداه و تشكل الجزيرة خطر على السفن التي لا تعرف بوجودها.
في عام 2000 تجدد النشاط البركاني حول الجزيرة فادت البراكين الي التكهن بان الجبال البحرية قد تصبح الجزيرة مرة اخري ولمنع تكرار الخلاف تصرفت إيطاليا هذه المرة بشكل سريع حيث أرسلت فريق من الغواصين لوضع العلم الصقلي على الجبل البحري المتوقع ظهوره بالإضافة الى ذلك لوحة رخامية تحما نقش هذه القطعة من الأرض على انها تنتمي الى صقلية وبحسب ما ورد ان هذه اللوحة دمرت في غضون شهر يقال انه عن طريق أدوات الصيد ولكن أيضا قد يكون عمل تخريبي.
من المتوقع ان تظهر الجزيرة مرة أخرى في المستقبل القريب. ولكن ليس محتم ان يكون هناك نزاع إقليمي كبير كما كان في السابق. كما ان الجزيرة لم يعد لها الأهمية الاستراتيجية كالتي كانت عليها عما 1831 ومن المرجح ان تنتمي الى إيطاليا.