اتبعت التربية الخاصة في السنوات الماضية الاستراتيجيات التربوية لدمج الأشخاص المعاقين مع أقرانهم في مختلف مجالات الحياة، ومن بينها المجال التعليمي، إذ دخل المعاقون رياض الأطفال والمدارس والجامعات، الأمر الذي أفرز مجموعة من المتغيرات التي طرأت على المعاقين أنفسهم وعلى زملائهم في البيئة التعليمية، مما تطلب توافقاً بين قدرات وسمات الشخص المعاق والبيئة التعليمية بعناصرها المادية والبشرية، تجنباً لظهور أي مشكلات أو اضطرابات سلوكية، قد يواجهها الشخص المعاق إذا لم تكن البيئة التعليمية مهيأة بشكل كافٍ.
من المعروف أن الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يلتحقون بالمدارس العادية يمثـلون بيئات متباينة من حيث المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ومن حيث العادات والتقاليد والأنماط السلوكية والمهارات الاجتماعية التي تعكس الوسط العائلي الذي ينتمون إليه.
الأنماط السلوكية
كما أن مديري المدارس والمعلمين وطلبة المدارس العادية يمثلون فئات متباينة من حيث توقعاتهم لسلوكيات الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة واتجاهاتهم نحوهم، وأن هذا التباين والاختلاف يشكل تحدياً حقيقياً وصعباً للمعلمين الذين يعملون مع المعاقين في مجال إدارة وتوجيه الأنماط السلوكية المتباينة التي يمكن أن تظهر لهم أثناء تعاملهم معهم. ولعل أهم هذه التحديات وأكثرها بروزاً، تلك التي تتمثل في كيفية مواجهة المشكلات السلوكية، وكيفية المحافظة على الأنماط السلوكية الإيجابية.
وعلى الرغم من أن الأنماط السلوكية غير الملائمة التي تصدر عن الطلبة المعاقين في الصف هي في الأغلب شبيهة بما يصدر عن الطلبة العاديين من أنماط سلوكية، إلا أن الأساليب التي يستخدمها المعلمون في التعامل معها مختلفة بين كلتا الحالتين.
تهيئة المعلم
وقد تشكل المسؤوليات الإضافية المطلوبة من المعلم للتعامل مع الطلاب المعاقين في الصف عبئاً كبيراً عليه، خاصة إذا لم يسبق له خوض هذه التجربة من قبل، ولم يعتد تدريس هذه الفئة، والتعامل مع متطلبات تنمية السلوكيات الإيجابية والمرغوبة عند أصحابها، والاهتمام بتنظيم وإدارة السلوك الصفي.
في ظل ظروف تربوية وتعليمية مختلفة عما اعتاد عليها، للوصول إلى مخرجات تعليمية مناسبة، لا تهضم حقوق أي متعلم، مهما كانت قدراته. لذلك نبعت أهمية تهيئة المعلم لاستقبال هذه الفئة والتعامل معها، وتدريبه على تهيئة البيئة الصفية لتتلاءم مع قدرات المتعلمين واستعداداتهم، ومن بينهم الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، واستعداده للتعامل مع السلوكيات غير الملائمة التي قد تظهر منهم في الصف.
الغرفة الصفية
وركز بعض الباحثين في هذا الإطار على أثر ترتيب الغرفة الصفية في منع السلوك غير الملائم، إذ دار الحديث حول ترتيب الأثاث ومعداته، بطريقة تسمح بمشاهدة جميع الطلاب أثناء جلوسهم أو تحركهم، وأهمية توظيف الوقت، وذلك بزيادة الزمن الذي يقضيه الطالب في عمل الواجب داخل الصف، وتحديد الواجبات، بحيث تتلاءم وترتبط بحاجات الطلبة واهتماماتهم، وتوزيعهم داخل الصف، بحيث يتم وضع الطلبة الذين لديهم سلوكيات سلبية مع مجموعة طلاب ملتزمين بالسلوك الصفي الإيجابي. إضافة إلى أن السلوك الصفي للمعلم يعد أيضاً من الأمور التي تسهم في خفض احتمالات ظهور السلوك غير الملائم.
البيئة الاجتماعية
وأكدت بعض الدراسات أهمية البيئة الاجتماعية المحيطة بالطالب، في تحسين التقبل الاجتماعي للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحسين مستوى السمات الشخصية والسلوك التكيفي، وفعالية استخدام إجراءات، مثل التعزيز الإيجابي، والإهمال، والتعزيز السلبي، والتعزيز الرمزي، والتعزيز التفاضلي، والحث اللفظي والبدني، وتكلفة الاستجابة والتدريب على ضبط الذات في تعديل وخفض السلوكيات غير الملائمة كالحركة الزائدة، وإيذاء النفس، والهروب، وعدم الانصياع للتعليمات، والتمرد والعصيان، والسلوك النمطي، والعدوان، والعادات الصوتية غير المقبولة.