"تركي الفيصل": إيران هي سبب الفوضى الرئيسي في المنطقة وعدم استقرارها
أكد رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الأمير تركي الفيصل، أن الدور الإيراني من الأسباب الرئيسية للفوضى الحالية في المنطقة؛ مشيراً إلى أن أوروبا والصين وروسيا بمواقفها الغامضة، تشجّع طهران على التمادي في سياساتها العدائية في المنطقة.
وقدّم الفيصل، خلال مشاركته في الدورة السادسة عشرة للمؤتمر السنوي لمؤسسة الفكر العربي (فكر 16)، الذي انطلقت أعماله تحت عنوان "تداعيات الفوضى وتحديات صناعة الاستقرار"، برعاية وحضور محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في دبي أول أمس الثلاثاء، الشكرَ لأخيه الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي، على دعوته الكريمة للمشاركة في هذا المؤتمر؛ مثمناً اختياره هذا الموضوع المهم عنواناً لمؤتمر "فكر 16".
وأوضح أثناء تحدثه في الجلسة العامة الأولى بعنوان "القوى الدولية: الرؤية والسياسات والدور"، ضمن فعاليات المؤتمر الذي تستمر فعالياته وجلساته على مدار ثلاثة أيام، بحضور عدد كبير من القيادات السياسية والاقتصادية والثقافية في العالم؛ أن غياب الرؤى والتوجهات الاستراتيجية لدى كل القوى الدولية حول متطلبات السلم والأمن الدوليين، مسؤول "بالدرجة الأولى" عما يعيشه العالم من توتر واحتقان وعدم يقين؛ مبيناً أن السياسات الدولية المتخبطة للدول القائدة في المنظومة الدولية؛ تَسَبّبت في كثير مما يجري في العالم وفي منطقتنا العربية.
وأوضح "الفيصل" أن تشخيص القوى الدولية لأوضاع دول المنطقة ورسم استراتيجياتها وسياساتها بناءً على هذا التشخيص؛ أدى إلى كوارث مثل تشخيص الولايات المتحدة لحالة العراق قبل 2003، أنها بحاجة إلى إقامة نظام ديموقراطي؛ فكانت النتيجة حالة مزمنة من عدم الاستقرار والفوضى.
وحمّل الفيصل العربَ المسؤولية أيضاً عن حالة الانكشاف الاستراتيجي في المنطقة؛ نتيجة الفشل خلال العقود الماضية في حماية استقرار الأمن الداخلي والإقليمي للدول العربية، وكذلك ترك النوافذ مشرعةً لكافة أنواع التدخلات الدولية في شؤوننا؛ مضيفاً: "لقد تَغَيّر ميزان القوى العالمي، وتغيرت معه موازين القوى الإقليمية، ودخلت منطقتنا في فراغ استراتيجي أظهر طبيعة التحديات التي تواجه دولنا العربية داخلياً وخارجياً".
وتابع: ومن أهم التحديات الاستراتيجية التي تواجه العرب حالياً: حالة الاستقطاب الحاد للقوى السياسية والاجتماعية الجديدة التي أفرزتها التحولات السياسية الجارية في منطقتنا، وضعف وهشاشة وتشرذم النظام الإقليمي العربي بكافة مؤسساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى احتقان الأوضاع الداخلية في بعض دول العالم العربي على كل المستويات".
وذكر الفيصل أن الصراع العربي الإسرائيلي يشكل مفتاح الأمن والاستقرار في المنطقة؛ مشيراً إلى أن القوى الدولية مسؤولة عن الفشل في الوصول لحل يلبي حقوق الشعب الفلسطيني ويتوافق مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي.
وأشار إلى أن الدور الإيراني من الأسباب الرئيسية للفوضى الحالية في المنطقة؛ سواء من خلال سعي طهران للهيمنة السياسية، أو تدخلاتها في الشؤون الداخلية واحتلال الجزر الإماراتية، أو نشر أفكارها الطائفية، أو دعمها للإرهاب، أو السعي الحثيث لامتلاك الأسلحة النووية؛ متهماً القوى الدولية بعدم القيام بدورها لاحتواء الخطر الإيراني.
وأكد أن أوروبا والصين وروسيا بمواقفها الغامضة تشجع طهران على التمادي في سياساتها العدائية في المنطقة، ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية أكثر وضوحاً تجاه المشروع التوسعي الإيراني؛ إلا أن الإدارة السابقة شجّعت طهران على استمرار غطرستها في المنطقة.
وقال تركي الفيصل: "إن من عوامل عدم الاستقرار الرئيسية، حالة الاستقطاب الدولية في منطقتنا؛ لا سيما في دول الربيع العربي، وفشل المجموعة الدولية في معالجة الأزمة السورية والليبية، كما أن الإرهاب مصدر رئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة، وهذا الإرهاب ليس إرهاب داعش والقاعدة فقط؛ بل إرهاب كل القوى والميليشيات المتطرفة الطائفية في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها من الدول؛ لذا فعلى الجميع الإسهام في دحره وهزيمته، وإيجاد الظروف المناسبة لمعالجة مسبباته، ولا شك في أن للقوى الدولية دوراً مهماً في ذلك؛ لا سيما الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب".
يشار إلى أن الجلسة العامة الأولى "القوى الدولية: الرؤية والسياسات والدور"، شهدت عرض رؤى الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والصين، حول الوضع في المنطقة العربية، وصور وأشكال الفوضى فيه وأسبابه، وتصورات هذه الدول وسياساتها لصناعة الاستقرار ودورها في تحقيق هذا الهدف.
وشارك في الجلسة كل من الدكتور فيتالي نعومكين مدير معهد الاستشراق في الأكاديمية الروسية للعلوم، والدكتورة فلورانس غوب نائب المدير والخبيرة في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية، والبروفيسور لوه لين، والدكتور أنتوني كوردسمان.