من الأعمال المشروعة ... المطلوبة ... المستحبة في شهر شعبان ... قراءة القرآن ... كما هو دأب الصالحين من سلفنا رحمهم الله،
فهي سنتهم المتبعة وشريعتهم المنتهجة في هذا الشهر، حتى سمي الشهر شهر القراء، واختص بهذه التسمية عن باقي الشهور كما قال سلمة بن سهيل: (كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء).
فإن ما عرف عن الأولين أنهم كانوا يهتمون بل يجعلون شغلهم وتجارتهم وكل همهم في هذا الشهر: القرآن الكريم . فقد (كان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن).
هكذا كانوا فلنقتدي بهم ولنجعل شهرنا هذا شهر القرآن الكريم.
المطلوب في هذا الشهر كثرة تلاوة كتاب الله لنحضِّر أنفسنا لرمضان،
فيفتح المسلم مصحفه وينفض عنه غباره ويقرأ منه ويختمه قراءة إن لم يكن حافظا ويراجعه إن كان حافظا، فإذا كان رمضان يقوم به من حفظه أو يتلذذ بتدبره خلف إمامه، فإنه لمّا قرأه في شعبان صار يتشرف ويتشوق متى تصل تلك الآية! متى تصل تلك السورة التي يحبها ويخشع فيها والتي قرأها وتدبرها من قبل.
وإذا سألك سائل لما لا نخشع في رمضان؟
فقل له: لأننا لم نستعد في شعبان جيدا ... لم نقرأ المصحف أو لم نراجعه فثقل علينا القيام به ولم نتفرغ لتدبره ...
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: "أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبُّوا على المصاحف فقرأوها وأخرجوا زكاةَ أموالهم تقويةً للضّعيف والمسكين على صيام رمضان.
كانوا رضي الله عنهم ينكبون على المصاحف في هذا الشهر، بمعنى لا يشغلهم عنها شيء ويشتغلون بها كل وقتهم، وينكبوا على المصاحف لقراءة القرآن وحفظه وتدبره ... وقال فقرؤوها ...
وهنا ننبه إلى أمر مهم وهو أن الكثير منا يظنون أن المعني بالقرآن في شهر شعبان هم القرآء وأئمة التراويح فقط وهذا خطأ ، بل كان سلفنا يخرجون رقاعهم وسعفهم وعظامهم التي كتبوا عليها القرآن ليقرؤوه وليس شرطا أن يكونوا قد حفظوه، فافتح مصحفك واقرا كتابك أخي المسلم وإن كنت لست حافظا للقرآن ولست تقوم به من حفظك...
قال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع،
وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضا: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان.
فتعالوا أيها الأحبة نجعل من شهرنا هذا ... شهر القراء ... كما كان على عهد سلفنا ، بأن نقرأ القرآن ونسمعه ونحفظه ونتدارسه عسانا نكون في رمضان من الخاشعين المقبولين.
وتعالوا نزرع ونسقي ونعتني علنا في رمضان نجني ونحصد الثمر والجنا ، وعسى نكون من أهل جنا الجنتين الداني.