هي الملكة أن دو فرانس [1460 – 1522]، والتي أصبحت آن دو بوجو بزواجها من الدوق بيير بوجو، تولت الوصاية على العرش بعد وفاة والدها، استطاعت آن إكمال الإصلاحات والإنجازات لإكمال مسيرة أبيها، وتعقب كبار الإقطاعيين من أجل توسيع نطاق المملكة، ودخلت في الكثير من الصراعات التي انتهت بانسحابها بطلب من أخيها تشارلز الثامن ملك فرنسا، وتفني حياتها في إدارة أملاكها حتى وفاتها.
آن دو فرانس الجميلة والمدللة: ولدت الجميلة آن في عام 1460 في برابانت، كانت آن الابنة الكبرى لوالدها الملك لويس الحادي عشر، الذي دللها ورعاها منذ اليوم الأول لولادتها فقد كانت طفلته المحببة إلى قلبه، وبمجرد أن وصلت إلى سن الرابعة عشر صار الخطاب يطلبون ودها، حتى تزوجت من “بيير دو بوجو” وهو الشقيق الأصغر للدوق دو بوبربو ويبدوا أن الزواج تم في إطار تبادل المصالح حيث كان بيير يكبر آن بإثنين وعشرون عامًا.
آن دو بوجو وصية على عرش فرنسا: وفي عام 1483 توفى الملك لويس تاركًا وصية لابنته آن وهي “حق الوصاية على تشارلز الثامن ورئاسة الحكومة”، وهو ما يعد حمل ثقيل على فتاة لا تزال في الثالثة والعشرون من عمرها، حيث بدأت الصراعات تتوالى مع زوج شقيقتها الكبرى وابن عم أبيها الدوق “لويس أورليانز” الذي طالبها بالتنازل عن رئاسة الحكومة والوصاية على العرش. وقد استغل المعارضون هذا الصراع وطالبوا برفع الوصاية من على العرش، وإفساح المجال أمام تشارلز الثامن عشر والذي كان يبلغ حينها ثلاثة عشر سنة، وهو ما يمكنه من الحكم بمفرده بدون وصاية وبمساعدة المجلس، وذلك بناءً على مرسوم الأغلبية الذي يسمح بذلك.
الترابط من أجل حماية العرش: وفي سبيل حل يحمي العرش، من تكتل المعارضين قررت آن دو فرانس عمل تكتل تجمع فيه كبار رجال الدولة من المعارضين بمساعدة الملكة الأم شارلوت سافوي والذي انضم له كل من الدوق أورليانز، وشقيقها الأكبر الدوق بوربون، وكذلك الكونت دونوا وجعلت آن من قلعة إمبواز مكان هذا التكتل. وقد لجأ الأمراء إلى المطالبة بتعيين المجلس، وقد حاولت الملكة آن تهدئتهم قدر الإمكان فلجأت لإعطائهم مناصب بالدولة فكان من نصيب الدوق بوربون منصب القائد، ونصبت الكونت دنوا محافظًا على دوفنييه، أما الدوق لويس أورليانز حصل على منصب الحاكم العسكري لباريس، مع معاش تقاعدي مناسب. أطماع لويس أورليانز: وعلى الرغم من الامتيازات التي حصل عليها الدوق لويس أورليانز كونه أصبح الحاكم العسكري لباريس وحصوله على راتب ومعاش تقاعدي كبير إلا أن أطماعه لم تتوقف عند هذا الحد فقد لجأ إلى المجلس الوطني من أجل الحصول على امتيازات أكبر، ولكن كانت المفاجأة هو موقف الملكة آن الصارم تجاه المجلس الوطني وترسيخ قواعد حكمها من خلال عمل تعديلات بالمجلس تفيد وجود مندوبين عن النبلاء والكنيسة والمجلس المشترك، مع وجود تمثيل لجميع المحافظات داخل المجلس مع انتخاب ممثلين لهم. وعلى الرغم من محاولات الدوق أورليانز لتقديم إغراءات للمجلس للحصول على الحكم بالوصاية من قبضة آن إلا أن جميعها لم تفلح، وفي عام 1484 تم طرح قضية تدعم مبدأ السيادة الوطنية وعدم أحقية الأمراء في الحكم. ومع محاولات أورليانز المتكررة التي دعته للتمرد على المجلس تم سجنه من قبل المجلس ومحاكمته. ولكن سرعان ما انسحب تشارلز الثامن من وصاية شقيقته آن وأفرج عن أورليانز ونصبه حاكماً على نورماندي، ولم يكن أمام آن إلا الانسحاب بهدوء من هذه الصراعات واستمرت في إدارة أراضيها حتى توفت في عام 1522م.