إذا وقفت هذه الأيام في شرفتك قليلا فستتنامى إلى مسامعك من هنا وهناك أصوات متداخلة تحمل هما مشتركا وتنادي وتوصي بشيء واحد تقريبا وهو المذاكرة.. ذاكر يا حبيبي، أما كفاك لعبا؟ الامتحان بعد يومين.
ولعلها من المناسبات التي تتحد في إحيائها ملايين الأسر على مستوى الوطن العربي بل العالم كله تقريباً، وعلى اختلاف المراحل العمرية لأبناء تلك الأسر. ولكل أسرة من تلك الملايين نهدي خلاصات نصائح مستشاري صفحة معا نربي أبناءنا؛ للاستعداد لامتحان يكرم فيه أبناؤهم، ويحققون مستويات مرضية.
تنظيم الوقتتنظيم المهام وتوزيعها على الأوقات يعد سببا جوهريا في نجاح تأدية هذه المهام، وتنظيم وقت المذاكرة يعد أمراً هاما في استفادة الطالب من التحصيل، ونجاحه في أداء مهامه والانتهاء منها دون تقصير أو انتقاص، ولهذا فلا بد من تعويد الابن/ الابنة على قواعد تنظيم الوقت وممارستها.
وهناك خطوات محددة ومتتالية لتنظيم وقت المذاكرة وهي:
تقسيم عدد الساعات المتاحة على عدد المواد، سواء بالتساوي - إذا كانت المواد كلها على نفس الدرجة من الأهمية؛ مثلا من حيث عدد الدرجات الخاصة بكل مادة بالنسبة للمجموع الكلي- أو أن تكون إحدى المواد تحتاج إلى اهتمام خاص؛ سواء لارتفاع درجاتها أو لكونها تحتاج إلى مجهود خاص في مذاكرتها لصعوبتها.
يتم توزيع الساعات المتاحة لكل مادة على أيام الأسبوع المتاحة (مع احتساب وقت الراحة) سواء بالتساوي؛ بحيث يكون ساعة يوميا للمادة، أو يمكن تحديد ساعة ونصف أو ساعتين إذا كانت المادة يحتاج استيعابها إلى أكثر من ذلك، وتوزع على أيام الأسبوع.
بعد ذلك يتم التنسيق بين ساعات المذاكرة في اليوم الواحد؛ بحيث توجد فترات راحة بينية تصل إلى 15 دقيقة بين كل مادة وأخرى؛ من أجل الاستعداد الذهني لبداية المادة الجديدة. وأيضا يُراعى ترتيب المواد في اليوم؛ بحيث توضع في أول اليوم المواد التي تحتاج إلى التركيز والانتباه، وتوضع في آخر اليوم المواد التي تنشط الذهن أو التي يحبها الشخص ولا تحتاج منه إلى مجهود كبير.
يراعى أن تتم عملية المراجعة للمواد التي تم استذكارها بشكل دوري؛ حتى لا يتم نسيانها وذلك بتنظيم المراجعة في يوم محدد من الأسبوع.
ساعده على التركيز
التركيز: هو استجماع للطاقة والقدرات والاهتمام والانتباه لصالح أمر معين، ولا شك أن هناك جهداً مطلوبا لتحقيق هذا الاستجماع وحشده.
عملية التذكر مبنية بشكل أساسي على الانتباه، وهو ما يختلف من طفل لآخر بل من شخص لآخر، ويقل تدريجيا كلما كبر الطفل. وبشكل عام فمسألة استحضار الانتباه -ومن ثَم التركيز- في التحصيل بالتحديد تكمن في استخدام طرق في المذاكرة يوظف فيها أكبر عدد من الحواس؛ فيمكن مثلا الكتابة أو رفع الصوت أو غير ذلك، وهو ما يتطلب الإرادة لتحقيقه. وبسبب غياب تلك الإرادة أحيانا لدى الأطفال وعدم قدرتهم أحيانا أخرى على استحضار الانتباه والتركيز دون تدخل خارجي لعدم توفر الإرادة الكافية؛ فلا بد من معاونة الطفل على التركيز؛ إذ يحدث للطفل في بداية دخول المرحلة الابتدائية نوع من الارتباك والتشتت بسبب كم المواد وكم الكراسات والواجبات المفترض أن يتذكرها؛ فعلى سبيل المثال فإن طفل السادسة مدة انتباهه قصيرة تتراوح بين 6 : 12 دقيقة، فهو لا يستطيع أن يركز اهتمامه في موضوع واحد إلا هذه الفترة، وعليه فإن مدى انتباهه أيضا قليل. والمقصود بمدى الانتباه هو عدد الموضوعات التي يستطيع الفرد أن يحتفظ بها في بؤرة الاهتمام في وقت واحد ويتطور الأمر تدريجيا، وهذا أمر طبيعي نتيجة للنمو الطبيعي للعمليات العقلية العليا التي تحدث له حلا لمشكلة التركيز.
ولإعانة الطفل على مسألة التركيز لا بد من إتباع آليات معينة كما يلي:
البعد عن التشتت، وتخصيص مكان للمذاكرة بحيث لا يكون مكتبه أمام مدخل باب حجرته فينتبه لكل حركة تحدث خارج الحجرة.
توضيح ما يجب إنجازه في كلمات محددة واضحة؛ كأن يقول له المربي: سوف تخرج كراسة الحساب وتقوم بحل صفحة كذا أولا، ثم يعزز ما ينجزه بالتقبيل أو الاحتضان أو التصفيق.
توفير وقت للراحة، لا بد من تخصيص وقت للراحة بين كل مادة وأخرى لا تتجاوز عشر دقائق.
ولتحسين التذكر يمكن الاعتماد على:
التطابق والتجانس: أي تجميع المعلومات وفق أوجه التطابق والانسجام بينها؛ كأن يعرف مثلا الشهور المؤلفة من 30 يوما.
عن طريق بعض الألعاب؛ مثل: أن تضع بعض الأشياء على منضدة يراها لمدة دقيقة مثلا، ثم تغطيها وتطلب منه أن يتذكر هذه الأشياء، أو أن تلعب معه لعبة تسمى "أنا رحت السوق اشتريت" فتبدأ بقول: أنا رحت السوق اشتريت جزراً -مثلا- ثم يقول الطفل: وأنا رحت السوق اشتريت جزراً وخسا، ثم تقول الأم: أنا رحت السوق اشتريت جزراً وخسا وفلفلا... وهكذا. فعلى كل لاعب أن يتذكر كل ما يشتريه كل اللاعبين الآخرين بالترتيب، وهناك العديد من هذه اللعب وغيرها من الإستراتيجيات لتحسين التذكر.
5. عند أداء مهمة ما -ولنأخذ مثلا المذاكرة- يجب إثارة وتنبيه حواس الطفل كلها لأداء هذه المهمة وتخفيف مشتتات كل حاسة، وذلك كما يلي: حاسة البصر:
يجب أن يتم التواصل مع الطفل بعينين منتبهتين تركزان في عينيه مباشرة ولا تسمح بتشتتهما هنا أو هناك، وهو ما يسمى (eye to eye contact)؛ أي اتصال عيون طرفي العملية طيلة الوقت الذي يجري فيه الإرسال والاستقبال بينهما.
يجب أن يكون مكتبه فارغا من المشتتات البصرية من أشياء ملونة أو براقة أو ألعاب، مع تقليل الأدوات المكتبية المستخدمة قدر المستطاع، وخاصة المزركشة أو التي تحدث أصواتا أو التي بها أزرار يمكن أن يصرف الوقت في ضغطها لفتحها وغلقها... إلخ.
ويفضل أن يكون مكتبه موجها للحائط، مع الحرص على تقليل المثيرات المحسوسة بالمكان وما يلفت النظر؛ ككرسي دوار أو متأرجح أو غير ذلك.
حاسة السمع:
يجب أن تتم المهمة بشكل جهري كالقراءة مثلا، مع تغيير نغمات الصوت وانفعالاته بشكل يجذب الانتباه ويمتع في الوقت نفسه.
يجب خلو المكان من أي مشتتات سمعية أو أشياء تصدر أصواتا ولو حتى غطاء القلم الذي ينضغط فيحدث صوتا... وهكذا.
يجب إعداد ملخص بعد الانتهاء من كل جزئية تم شرحها واسترجاع ملخصها مرة أخرى، ثم سؤاله عما استوعبه أو فهمه أو استمتع به مما قيل.
حاسة اللمس:
يجب أن يتم التواصل باللمس عن طريق الربت أو التمليس على الشعر أو اليدين كل فترة لتنبيه حاسة اللمس أيضا.
الخلاصة: تلجيم نشاط الطفل كما يلجم الحصان، ولكن دون قسوة... فقط بإزالة المشتتات. 6. يجب تقليص فترات الجلوس بهذه الطريقة إلى 15 دقيقة مثلا، مع جعل فترات تَعْدل ضعف المدة بين كل جلسة وأخرى تقضى كلها في مجهود حركي وليس مشاهدة تلفاز أو تسلية تتطلب الراحة والاسترخاء؛ وذلك لتفريغ الطاقة المكبوتة في فترة المذاكرة، ونعطي مثالا للمجهود الحركي، مثل: تمرينات رياضية، شراء شيء، جري في المكان، أو أي لعبة يحبها وتتطلب مجهوداً حركيا.