ضحاياها صلاح الدين وماري انطوانيت ونابليون..
كذبات حولتها ألسنة الناس إلى حقائق
رغم تميّز عصرنا بسهولة الوصول إلى المصادر للتأكد من المعلومة، فإن الكثيرين لا زالوا يتداولون مجموعةً من المعلومات التاريخية المغلوطة المنتشرة على
ألسنة الناس، والتي وجدت طريقها مؤخراً إلى مواقع الانترنت والشبكات الاجتماعية.
في هذه التقرير، نستعرض أبرز الكذبات التاريخية التي يتم تناقلها بين
الناس بكثرة دون أن يدروا حقيقتها:
1- كلوا كيك !
“إذا لم يجد الفقراء خبزاً، فليأكلوا الكيك”، جملة يذكرها كثيرون على أنها قيلت على لسان ملكة فرنسا ماري انطوانيت زوجة الملك لويس الـ 16.
ورغم ذكر هذه العبارة في كتاب “الاعتراف” لجان جاك روسو، فإنه لا يوجد دليلٌ على أن ماري انطوانيت هي التي قالتها، بل لم يذكر روسو اسم النبيلة التي قالتها.
ويرجّح مؤرّخون، أن صاحب هذه الكلمة هي المملكة ماريا تيريزا زوجة الملك لويس الـ 14.
2- الجزر يقوي النظر
مقولة شائعة على لسان الكثيرين دون أن يوجد أي دليل عليها على الإطلاق، ويعود أصل هذه المقولة إلى كونها خدعة موجّهة استخدمها البريطانيون في العام 1940، ووقتها هاجم الطيران الألماني المملكة المتحدة في ما أطلق عليها معركة بريطانيا، وقام الجيش البريطاني بإسقاط العديد من الطائرات الألمانية بنجاح.
وكان سر تفوق الإنكليز في تصديهم للغارات الألمانية تقنية رادار جديدة، ولكنهم لم يريدوا كشف الموضوع وشاؤوا إبقاءه سراً، ولذلك قاموا بشكل منهجي بضخ معلومات في وسائل الإعلام التي كانت تصل للألمان، مفادها بأن جنود مضادات الطائرات البريطانيين والطيارين أيضاً كانوا يتناولون كمياتٍ كبيرة من الجزر، الأمر الذي أعطاهم بصراً حاداً ومكّنهم من إسقاط الطائرات الألمانية كالذباب.
3- حصان طروادة
هي قصة شهيرة تتحدث عن تسلل الجنود اليونان إلى مدينة طروادة، بعد أن ظل حصارهم لها لمدة تصل إلى 10 سنوات، فبنى اليونانيون حصاناً أجوف يستوعب عدداً من الجنود للدخول إلى المدينة من أجل فتح البوابات وإدخال بقية الجيش إلى المدينة.
لكن رغم شهرة القصة فإن العديد من أساتذة التاريخ يؤكدون أنها غير حقيقية، فإن أستاذ التاريخ بجامعة اوكسفورد البريطانية رماند دي انغور، يؤكد أن مدينة طروادة أحرقت كلياً، فيما كان حصان طروادة الذي ذكر في ملحمة “اوديسا” الشعرية لهوميروس مجرد أسطورة خيالية، ربما تكون مستوحاة من أدوات الحصار التي تكون مغطاة بجلود الأحصنة بهدف منع احتراقها.
4- هتلر القبيح
في العام 1933، ظهرت صورة تدعي أنها للزعيم الألماني النازي ادولف هتلر وهو صغير، وانتشرت بشكلٍ واسع في أميركا وبريطانيا، وكانت الصورة تظهر طفلاً عابساً، وكان هدفها إظهار قبح هتلر في أعين الناس.
المسؤولون الألمان في ذلك الوقت غضبوا من الواقعة، وأرسلوا صورة هتلر وهو طفل والذي بدا كأي طفل عادي في سنه، وعندما طلبت الحكومة الألمانية معرفة مصدر الصورة المزيفة، أفادت جريدة أنها من النمسا، لكنهم لم يتأكدوا من مصدرها الحقيقي.
اتضح لاحقاً، أن الصورة المزيفة لطفل أميركي، تم التلاعب بها لإظهار الطفل أكثر عبوساً.
5- نابليون القصير
بينما كان نابليون في أوج قوته، اشتغلت الآلة الإعلامية في بريطانيا على تشويه سمعة وشكل عدوّها اللدود، فصورته كأنه قصير الطول وأصغر ممن حوله دائماً، الاعتقاد الذي ما زال مستمراً في بريطانيا الحديثة حتى الآن.
بعض المصادر التاريخية، ترجح أن نابليون كان متوسط الطول إذ بلغ طوله 170 سنتيمتراً، ما يعد متوسطاً نوعاً ما مقارنة بطول الفرنسيين في هذا الوقت، كما أن الاعتقاد بقصر نابليون قوي بسبب مرافقة جنود الحرس الإمبراطوري طوال القامة نسبياً في الكثير من الأحيان.
6- عيسى العوام
“هل هنأتم أخاكم عيسى بعيد الميلاد المجيد؟”، جملة تعد من كلاسيكيات السينما المصرية، قيلت في فيلم “الناصر صلاح الدين” على لسان القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي لمساعده المسيحي عيسى العوام، والذي لم يكن مسيحياً أصلاً.
عيسى العوام هو غواص عربي مسلم حارب مع صلاح الدين الأيوبي ضد الحملات الصليبية.
يروي القاضي بهاء الدين بن شداد قصة العوام في كتابه “النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية” أيام محنة عكا، وأورد قصته أيضاً صاحب كتاب تذكير النفس بحديث القدس فيقول، “ومن نوادر هذه الوقعة ومحاسنها أن عواماً مسلماً كان يقال له عيسى، وكان يدخل إلى البلد - يعني عكا أثناء حصار الفرنج لها - بالكتب والنفقات على وسطه - أي يربطه على وسطه - ليلاً على غرة من العدو”.
7- أسطورة عروس النيل
في مصر القديمة، كان الفراعنة يقدسون النيل باعتباره مصدراً للحياة وللخير، لذلك رمزوا له بالإله “حابي” المتقلب المزاج؛ فتارةً يأتي بمنسوب مناسب من المياه، وتارةً يأتي بفيضان يغرق الأراضي والبيوت، أو تجف المياه نهائياً ويقلّ منسوبها فيموت
الناس من الجوع والعطش.
لذلك كان المصريون القدماء يتوددون له حتى يرضى عنهم ويعطيهم المنسوب المناسب من المياه، وذلك عن طريق تقديمهم لبعض الهدايا والذبائح من قرابين للاحتفال بوفائه، ومن هنا جاءت فكرة “عروس النيل”.
وذكرت بعض المصادر الإسلامية، أن المصريين استمروا في إلقاء عروس جميلة في النيل حتى جاء الفتح الإسلامي، وأُبطلت هذه العادة على يد الخليفة عمر بن الخطاب، لكن هناك من شكك في صحة الرواية مثل الكاتب والروائي الراحل، عباس محمود العقاد، في كتابه “عبقرية عمر”، إذ قال إنها قد تكون خيالية.
ما يدعم وجهة نظر عباس العقاد، هو قصة الملك خوفو مع الساحر والتي ذكرت فيبردية “وستكار”، حيث قال الساحر للملك لخوفو “إنكم القوم الذين تقذفون كل عام بعذراء بريئة إلى النهر قبل الفيضان، فلا تحدثونا عن قيمة حياة الإنسان”.
فهزأ منه خوفو قائلاً، “أهذا ما تعتقدونه فى بلادكم؟ يالكم من جهلاء!”. فرد الساحر، “هو ما تعرفه عنكم كل البلاد”، فقال فرعون “إن ما نقذف به إلى النهر هو دمية خشبية لا حياة فيها، واحتفال وفاء النيل هو طقسٌ رمزي راق يستعصي على فهمك، لقد وضح أنك لا تعرف شيئاً، فعد إلى بلادك ولا تجعل قدمك تطأ ثانية أرض مصر”.
8- قصة جوديفا العارية
انتشرت قصة مؤخراً على الشبكات الاجتماعية، لامرأة تدعى جوديفا زوجة حاكم مدينة كوفنتري الإنكليزية، والتي أرادت إلغاء الضرائب الباهظة التي فرضها زوجها على الشعب.
لم يقتنع زوج جوديفا برأيها، وتحدّاها بأنه لن يقوم بإلغاء الضرائب الباهظة من على عاتق الشعب، إلا إذا امتطت فرساً وسارت به في شوارع المدينة وهي عارية تماماً، وبالفعل وافقت على القيام بهذا، ورفض
الناس الخروج من منازلهم حفاظاً على كرامتها، وفي النهاية ألغيت الضرائب إكراماً لها.
وبعيداً عن عدم منطقية القصة، فإنها لم تظهر إلا بعد موت جوديفا بقرون، إذ كان مصدر القصة هو راهب ينتمي لدير كانت جوديفا تنفق عليه، بل ربما لم تكن مدينة كوفنتري تدفع ضرائب آنذاك.