يمثل اعتراف «فيسبوك» مؤخراً بأن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تجعل مستخدميها يشعرون بالسوء حيال حياتهم الاجتماعية الحقيقية، إثباتاً جديداً على أن وسائل التواصل تؤثر سلباً على الناس وتفاعلهم الاجتماعي، وهي من المرات القليلة التي يتحدث فيها قطاع التكنولوجيا ويعترف صراحة بسلبيات منتجاته، وهو ما يشير صراحة إلى أنها أدركت الأثر السلبي الكبير الذي أحدثته تلك المنتجات على الحياة الاجتماعية الحقيقية للناس.
وقد أظهرت الدراسة الأكاديمية التي تضمنت اعترافات «فيسبوك» بأنه وعندما يقضي الناس أوقاتا أكثر في استعراض المعلومات الخاصة بالمواقع الاجتماعية فإنهم يزدادون كآبة، وكمثال على ذلك، فإن تصفح منشورات «فيسبوك» لمدة 10 دقائق تجعل هؤلاء الناس في مزاج متعكر مقارنة بما كانوا عليه قبلها، علاوة على أن الضغط على معظم الروابط التي يحتويها الموقع وتصفحها يؤثر سلبا على الصحة العقلية للمستخدمين.
وفي حين أن اعتراف «فيسبوك» يأتي كنتيجة لدراسة مثبتة، أعتقد أن إدارة الموقع ستقوم بإجراء بعض التغييرات على منصتها، مثل إعطاء الناس تحكماً أكبر فيما يرغبون في رؤيته. وعلى الجانب الآخر أظهرت الدراسة أيضا أن التفاعل في المنشورات والإعجاب بها والتراسل بين الأصدقاء المقربين لبعضهم يجعلهم يشعرون بأنهم في حال أفضل، وقالت «فيسبوك» إنها تتعاون مع خبراء نفسيين وعلماء لتعزيز الإيجابية من خلال التفاعل.
شخصياً أعتقد أن تلك الطريقة غير فعالة في التعاطي مع المشكلة بالنظر إلى أن هناك أشخاصاً لا يستطيعون التوقف عن إدمان تلك المواقع، حيث قدرت دراسة أجراها مركز «بيو» أن نحو 24% من الأطفال مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يقضون جل وقتهم عليها، بل قالت إنها أصبحت بمثابة إدمان. وفي العام 2016 قال أحد خبراء «جوجل» السابقين إن شركات مواقع التواصل الاجتماعي تطور تقنيات وأساليب نفسية تجعل الشخص يدمن عليها من خلال التأثير العقلي، باستخدام أساليب نفسية متطورة مثل جعل الشخص متعطشاً للمزيد من استخدام تلك المواقع.
وتساهم تلك التقنيات التي تستخدمها وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة إدمان الناس عليها بطريقة تؤثر عليهم سلبا، وذلك بسبب أن طبيعة العقل البشري تميل لأن تكون محبة لاستكشاف أمور جديدة، مثل المعلومات التي يتلقونها من خلال تلك المواقع، والتي لا تكون في الغالب معلومات ذات فائدة ولا تؤثر عليهم إيجابا. وإضافة إلى كل ذلك فإن البيانات التي تقع أيدي تلك الشركات عليها تمكنهم من الاستفادة منها بشكل كبير، وتوجيه إعلاناتها ومحتوياتها إلى تركيز أكبر على توجهات الناس.