الاحلام الكسيحه
ما ان مالت الشمس الي المغيب كان خالد يعود الي بيته
حاملا معه تعب يوم كامل قابضا علي بعض جنيهات
ما ان يري امه الحبيبه حتي يسلمها اليها وهو سعيد
انه قادر علي تحمل اعباء تلك الاسره البسيطه
عند المساء كان خالد يضع راسه فوق وسادته مطمئن راضي
غير عابئ باي شئ اخر سوي اسرته البسيطه
ذات مره عاد خالد مساء الي قريته كان الشباب يتسامرون ويتحاكون عن جمال ايطاليا
والحياه فيها وكم الاموال التي يجمعونها من عملهم
وكيف صارت قريتهم المتواضعه حديث كل اهل القري المجاوره
منذ بدء شبابها الهجره والاحوال تغيرت كثيرا
لم يكن خالد يوما ينتبه الي البيوت الجميله التي انشئت بالقريه
كان دوما مهموما بعمله وبالاسره الصغيره التي تنتظر منه كل مساء الامل الجديد بحياه مطمئنه غدا
تاهت احلام خالد في مسئوليته بل لم يعد يحلم ابدا
في حارات القريه كانت ام خالد المراه الصايره بعد موت زوجها
اثرت ان تربي اولادها رغم جمال ملامحها المصريه
حكايه نساء القريه عن صبرها ووفائها وكرامتها
مرت بلحظات شظف الحياه وحلاوتها لكنها ابدالا لم تتخلي عن دورها كام
سالتها جارتها ذات مره لم لا تدع خالد يسافر مثل شباب القريه
كانت ترفض دوما لما تسمعه من خطوره الرحله وعدم قدرتهم الماليه علي تحمل مصاريفها
كانت اسبابها الحقيقه خوفها علي ابنها ورجلها الوحيد
يوم بعد يوم بدء خالد ينظر الي القريه تتحول وهم مازالوا يعيشون علي هامشها
جلس ذات مساء وعينييه تلمع ويستمع بشغف الي حكايات الشباب عن اوروبا
وعاودت خالد
الاحلام رويدا رويدا في امل بدا يتجسد امامه
لما لا وهم اشد الناس حاجه الي المال
لم يكن يملك سوي دار تاوي اسرته تحميهم من العيون والعقول
حين عاد مساء ذلك اليوم والتعب يعبث بجسده قال لامه في هدوء
اريد ان اسافر يامي اخوتي يحتاجون الي اموال اكثر لقد سئمنا ان نعيش لناكل
لابد ان اضحي من اجل ان نحيا ونعيش كمن حولنا
اننا نغترب ونحن بين اهلنا فهل غربتي ستكون اقصي من هذا
بكت امه ولم ترد عليه ابدا
الخوف يملائها من المستقبل يبدوا جميلا قد يذهب بكل ماترتكن اليه
وحالها وحال اسرتها الصغيره مازال يتشبس بالامل
ساعتها بدء خالد يبحث عن مخرج لما يتمناه
عن طريق كل الحالمين بحث خالد ووجد اخيرا ضالته
احد سمساره الهجره قبل بعد جهد ان يسافر خالد علي ان يشتري منه بيته
ويدع اسرته تبقي فيه لي ان يرسل خالد اموال ليؤجر لهم بيت اخر
كاد خالد ان يطير فرحا
وافقت امه علي بيع دارها من اجل الاحلام
تمنت لو ينصفها القدر يوما وتعرف معني الاتخاف من الغد
قبل سفر خالد بايام تواترت اخبار بالقريه عن غرق احد شباب القري المجاوره بعد غرق المركب التي تقلهم
سرت الاخبار بالقريه ولكنها ابدا لم تفتت عزم الشباب عن فكره الهجره
كانت ام خالد تشعر بالخوف يملئ قلبها ويزداد كلما اقترب موعد سفر ولدها
في اليوم المحدد ودع خالد اسرته والبكاء يملئ عيون الاسره التي دوما ما كانت تفارقها الاحزان
حين عانق خالد اخاه الصغير امتلئت عيناه بالدموع
تمني لو كان يمكنه التراجع ليظل يحتضن اخه الي الابد
طلب منه اخاه ان ياتي له بدراجه جميله حين يعود
بعيون باكيه تتطلع الي مجهول ضمت ام خالد ولدها انتابتها قشعريره ام ينخلع منها ولدها
كانت السياره تنهب الطريق وسط الحقول وفكر وعقل خالد في امه واخيه الصغير
سال خالد نفسه
هل مافعله صواب حين باع اخر شئ تمتلكه اسرته تحميهم من غدر الزمن
هل والف هل لعبت براس خالد لم يخرج من التفكير الا حين توقفت السياره
بات ليلته اسيرا داخل دار بعيده عن اعين الناس ومعهم 20 شابا من كافه القري المحيطه
كان حديثهم يحمل الخوف الشديد والامل في حلم قد يتحقق
حشروا في مركب قديمه لساعات لايعملون اين هم
فجرا امرهم ربان السفينه ان يرموا بانفسهم في البحر
كانت المسافه الي الشاطئ لايعلمها احد
اخذوا يسبحون في اتجاه الاضواء البعيده
اصاب خالد اعياء شديد وشارف علي الموت
لحظات عاش خالد فيها علي حافه الهوايه
كانت صوره امه امامه وهي تتلقي خبر غرقه ونحيب اخواته
روادته فكره انهم سوف يلقون في الشارع لاماوي لهم
لقد ضاعوا بعد ان ضاع هو
كيف سيتلقي ا خاه خبر موته
وهو من نام يحلم به بعد عودته حاملا الدراجه التي وعده بها
عندما كان الفجر ياتي حاملا خيوطه البيضاء
كان خالد يتنفس علي الشاطئ
وعقله مازال يجوب دروب القريه التي تسكن حضن الجبل