11-18-2017, 07:07 AM
|
|
|
|
الدرر الغراء مما قلَّ ودل .. فصل خياط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
لما ابتعد الناس كثيرا عن حال سلفنا الصالح؛ علما وعملا.. سلوكا ومنهاجا.. كان لزاما علينا أن نقف ونستخرج من بطون كتبهم وما خلّفوه لنا من تراث وأدب، ينير الطريق ويستنهض الهمم، سيما في الجانب التربوي الذي نحن بأمس الحاجة إليه، في دنيا الماديات وكثرة المغريات وانكباب الناس على الشهوات.
ومن تلك الكتب النافعة، التي حوت عبارات جامعة، وفقرات ماتعة؛ كتاب " روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" للإمام العلامة الحافظ أبو حاتم محمد ابن حبان البستي (ت:354هـ )، صاحب الكتب المشهورة منها كتاب: صحيح ابن حبان المسمى" المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع"، قال عنه الحاكم كما في السير: كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه، واللغة، والحديث، والوعظ، ومن عقلاء الرجال.
يقول ابن حبان في مقدمة كتابه الذي بين أيدينا: فلما رأيت الرُّعَاع من العالَم يغترون بأفعالهم، والهمجَ من الناسِ يقتدون بأمثالهم، دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف، يشتمل متضمنه على معنى لطيف، مما يحتاج إليه العقلاء في أيامهم، من معرفة الأحوال في أوقاتهم، ليكون كالتذكِرة لذوي الحجى عند حضرتهم، وكالمعين لأولى النُّهى عند غيبتهم، يفوق العالِمُ به أقرانه، والحافظ له أترابه، يكون النديمَ الصادق للعاقل في الخلوات، والمؤنس الحافظَ له في الفلوات، إن خَصَّ به من يحب من إخوانه، لم يفتقده من ديوانه، وإن استبدَّ به دون أوليائه ، فاق به على نظرائه.[1]
اعتمدت في كتاب " روضة العقلاء " على طبعة مطبعة السنة المحمدية (1368هـ- 1949م )[2]، وقمت بانتقاء واختيار بعض العبارات النفيسة والمقولات المهمة لابن حبان أو من نقل عنهم، دون ذكر السند لسهولة الوصول والاستفادة من تلك الدرر، مع وضع عناوين تناسب كل مقولة أو فقرة.
في حالة ذكر العبارة دون نسبتها لقائل، هذا يعني أنها من كلام المصنف أبي حاتم ابن حبان رحمه الله، كما قمت بوضع فقرة تحت عنوان " الدرر الغراء مما قلَّ ودلّ " للمقولات القصيرة التي لا تتجاوز السطر الواحد ذات الدلالات الكبيرة، وفقرة" الدرر الغراء مما قيل شعرا" مع ذكر رقم الصفحة لكل عبارة أو جملة أو شعر.
مراتب الدهاء ودرجات الجهلاء
الرجل إذا دخل في أول حد الدهاء قِيلَ له: شيطان، فإذا عتا في الطغيان قِيلَ: مارد، فإذا زاد على ذلك قِيلَ: عبقري، فإذا جمع إلى خبثه شدة شر قِيلَ: عفريت.
وكذلك الجاهل، يقال له في أول درجته: المائق، ثم الرقيع، ثم الأنوك، ثم الأحمق .ص16-17
خير ما يُعطى الرجل
قِيلَ لابن المبارك: مَا خير مَا أعطى الرجل؟ قَالَ: غريزة عقل، قِيلَ: فإن لم يكن؟ قَالَ: أدب حسن، قِيلَ: فإن لم يكن؟ قَالَ: أخ صالح يستشيره، قِيلَ: فإن لم يكن؟ قَالَ: صمت طويل، قِيلَ: فإن لم يكن؟ قَالَ: موت عاجل. ص17
الحِكَم قوت العقل
قوت الأجساد المطاعم، وقوت العقل الحِكَم، فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، كذلك العقول: إذا فقدت قوتها من الحكمة ماتت. ص18
العقل دواء القلوب
العقل دواء القلوب، ومَطِية المجتهدين، وبذر حراثة الآخرة، وتاج المؤمن في الدنيا، وعُدَّته في وقوع النوائب، ومن عدم العقل لم يزده السلطان عزا، ولا المال يرفعه قدرا، ولا عَقلَ لمن أغفله عَن أخراه، مَا يجد من لذة دنياه، فكما أن أشد الزمانة الجهل، كذلك أشد الفاقة عدم العقل. ص19
أنفع الأشياء عقلُ سديد مع تقوى الله
قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ عَمَّرَ دَهْرًا: أَخْبِرْنِي بِأَحْسَنِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ. قَالَ: عَقْلٌ طُلِبَ بِهِ مُرُوءَةٌ، مَعَ تَقْوَى اللَّهِ، وَطَلَبِ الآخِرَةِ. ص19
حسن العقل أنفع من حسن الوجه
من حَسُنَ عقله وقبح وجهه، فقد أفقد فضائل نفسه قبائح وجهه، ومن حسن وجهه وقل عقله، فقد أذهب مَحَاسِن وجهه نقائص نفسه. ص21
اقتضاء العلم العمل
كما لا ينفع الاجتهاد بغير توفيق، ولا الجمال بغير حلاوة، ولا السرور بغير أمن، كذلك لا ينفع العقل بغير ورع، ولا الحفظ بغير عمل. ص21
لا تستحقر أحدا
العاقل لا يستحقر أحدا؛ لأن من استحقر السلطان أفسد دنياه، ومن استحقر الأتقياء أهلك دينه، ومن استحقر الإخوان أفنى مروءته، ومن استحقر العام أذهب صيانته. ص22
العاقل من عرف عيوب نفسه
العاقل لا يخفى عَلَيْهِ عيب نفسه؛ لأن من خفي عَلَيْهِ عيب نفسه، خفيت عَلَيْهِ محاسن غيره، وإن من أشد العقوبة للمرء، أن يخفى عَلَيْهِ عيبه، لأنه ليس بمقلع عَن عيبه من لم يعرفه، وليس بنائل محاسن الناس من لم يعرفها. ص22
علامات العاقل في مراحل عمره
العاقل يكون حسن المأخذ في صغره، صحيح الاعتبار في صباه، حسن العفة عند إدراكه، رَضِيَ الشمائل في شبابه، ذا الرأي والحزم في كهولته، يضع نفسه دون غايته برتوة[3]. ص22-23
ينبغي للعاقل تجنب ثلاثة أشياء
الواجب على العاقل أن يجتنب أشياء ثلاثة، فإنها أسرع في إفساد العقل من النار في يَبِيس العَوسَج: الاستغراق في الضحك، وكثرة التمني، وسوء التثبت. ص23
العاقل مَن يعرف حدوده
العاقل لا يتكلف مَا لا يطيق، ولا يسعى إلا لما يدرك، ولا يَعِدُ إلا بما يقدر عَلَيْهِ، ولا ينفق إلا بقدر مَا يستفيد، ولا يطلب من الجزاء إلا بقدر مَا عنده من الغَناء[4]، ولا يفرح بما نال، إلا بما أجدى عَلَيْهِ نفعه منه. ص23
من صفات العاقل
لا تكاد ترى عاقلا إلا موقرا للرؤساء، ناصحا للأقران، مواتيا للإخوان، متحرزا من الأعداء، غير حاسد للأصحاب، ولا مخادع للأحباب، ولا يتحرش بالأشرار، ولا يبخل في الغنى، ولا يَشرَهُ في الفاقة، ولا ينقاد للهوى، ولا يجمح في الغضب، ولا يمرح في الولاية، ولا يتمنى مَا لا يجد، ولا يكتنز إذا وجد، ولا يدخل في دعوى، ولا يشارك في مِرَاء، ولا يُدلِي بحجة حتى يرى قاضيا، ولا يشكو الوجع إلا عند من يرجو عنده البرء. ص24
لا تمدح غيرك بما ليس فيه
من مدح رجلا بما ليس فيه، فقد بالغ في هجائه، ومن قبل المدح بما لم يفعله، فقد استهدف للسخرية. ص24
الاستماع للعاقل مغنم وإن قل
كلام العاقل وإن كان نزرا[5] حظوة عظيمة، كما أن مقارفة المأثم، وإن كان نزرا مصيبة جليلة. ص24
الواجب على العاقل
الواجب على العاقل: أن يكون حسن السمت، طويل الصمت، فإن ذلك من أخلاق الأنبياء، كما أن سوء السمت وترك الصمت من شيم الأشقياء. ص25
تشبيه جميل للعقل والصبر
لو أن العقل شجرة، لكانت من أحسن الشجر، كما أن الصبر لو كان ثمرة، لكان من أكرم الثمر. ص26
تزود من الصالحات لما بعد الممات
قال الحسن: إنكم وقوف هاهنا تنتظرون آجالكم، وعند الموت تلقون الخبر، فخذوا مما عندكم لما بعدكم. ص29
لا أطيب من القلب واللسان إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا
عَن خالد الربعي، قَالَ: كان لقمان عبدا حبشيا نجارا، فأمره سيده أن يذبح شاةً، فذبح شاة، فقال له: ائتني بأطيب مُضغَتين في الشاة، فأتاه باللسان والقلب، ثم مكث أياما، فقال:اذبح شاة، فذبح، فقال له: ائتني بأخبث مضغتين في الشاة، فألقى إليه اللسان والقلب، فقال له سيده: قلت لك حين ذبحت الشاة: ائتني بأطيب مضغتين في الشاة، فأتيتني باللسان والقلب، ثم قلت لك الآن حين ذبحتَ الشاة: ائتني بأخبث مضغتين في الشاة، فألقيت اللسان والقلب؟ فقال: إنه لا أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا. ص29-30
كيف يدير العاقل أحواله؟
العاقل يدبر أحواله بصحة الورع، ويمضي أسبابه بلزوم التقوى، لأن ذلك أول شُعَب العقل، وليس إليه سبيل إلا بصلاح القلب. ص31
استعد لما بعد الموت
قَالَ رجل للحسن: يا أبا سَعِيد، كيف أنت؟ وكيف حالك؟ قَالَ: كيف حال من أمسى وأصبح ينتظر الموت، ولا يدري مَا يصنع به؟ ص33
العلم يقتضي الابتعاد عن أبواب السلاطين
يقول الفضيل بْن عياض: مَا أقبح بالعالم يؤتى إلى بابه، فيقال: أين العالم؟ فيقال: عند الأمير، أين العالم؟ فيقال: عند القاضي، مَا للعالم وما للقاضي؟ وما للعالم وما للأمير؟ ينبغي للعالم أن يكون في مسجده يقرأ في مصحفه !ص35
التأني بطلب العلم
يقول الشعبي: يا طلاب العلم، لا تطلبوا العلم بسفاهةٍ وطيشٍ، اطلبوه بسكينة ووقارٍ وتؤدة. ص35
العلم مقصود لغيره لا لذاته
العاقل لا يبيع حظ آخرته بما قصد في العلم، لما يناله من حطام هذه الدنيا، لأن العلم ليس القصد فيه نفسه دون غيره، لأن المبتغى من الأشياء كلها نفعها لا نفسها، والعلم ونفع العلم شيئان، فمن أغضى عَن نفعه، لم ينتفع بنفسه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، والعلم له أول وآخر. ص36
اقتضاء العلم العمل
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:لا تَكُونُ عَالِمًا حَتَّى تَكُونَ مُتَعَلِّمًا، وَلا تَكُونُ بِالْعِلْمِ عَالِمًا، حَتَّى تَكُونَ بِهِ عَامِلا. ص36
العاقل لا يشتغل في طلب العلم إلا وقصده العمل به، لأن من سعى فيه لغير مَا وصفنا، ازداد فخرا وتجبرا، وللعمل تركا وتضييعا، فيكون فساده في المتأسين به فيه، أكثر من فساده في نفسه، ويكون مثله كما قَالَ اللَّه تعالى(وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ سورة )[3]. ص36
يقول الفضيل بْن عياض: في جهنم أرحية تطحن العلماء طحنا، فقيل: من هؤلاء؟ قَالَ: قوم علموا فلم يعملوا. ص36
يقول مالك بْن دينار: إذا طلب الرجل العلم ليعمل به، سَرَّهُ علمه، وإذا طلب العلم لغير أن يعمل به، زاده علمه فخرا. ص37
قَالَ الحسن: من أحب الدنيا وسرته، ذهب خوف الآخرة من قلبه، ومن ازداد علما، ثم ازداد على الدنيا حرصا، لم يزدد من اللَّه إلا بعدا، ولم يزدد من اللَّه إلا بغضا.ص37
قال سُفْيَان الثوري: العالم طبيب الدين، والدرهم داء الدين، فإذا اجتر الطبيب الداء إلى نفسه، فمتى يداوي غيره؟ ص37
الواجب على العاقل: مجانبة مَا يدنس علمه من أسباب هذه الدنيا، مع القصد في لزوم العمل بما قدر عَلَيْهِ، ولو استعمال خمسة أحاديث من كل مائتي حديث، فيكون كأنه قد أدى زكاة العلم، فمن عجز عَن العمل بما جمع، فلا يجب أن يعجز عَن حفظه. ص39
إفناء المرء عمره بكثرة الأسفار، ومباينة الأهل والأوطان، في طلب العلم دون العمل به، والحفظ له، ليس من شيم العقلاء، ولا من زي الألباء، وإن من أجود مَا يستعين المرء به على الحفظ : الطبع الجيد، مع الهمة واجتناب المعاصي. ص41
المال يفنى والعلم يبقى
عن المعتمر بْن سليمان، قَالَ: كتب إلي أَبِي وأنا بالكوفة: اشتر الصحف، واكتب العلم، فإن المال يفنى ، والعلم يبقى. ص41
زكاة العلم نشره
إذا رزق منه الحظَّ لا يبخل بالإفادة، لأن أولَ بركة العلم الإفادة، وما رأيتُ أحدا قط بخل بالعلم، إلا لم ينتفع بعلمه، وكما لا ينتفع بالماء الساكن تحت الأرض مَا لم يَنبَع، ولا بالذهب الأحمر مَا لم يُستخرج من معدنه، ولا باللؤلؤ النفيس مَا لم يخرج من بَحره، كذلك لا ينتفع بالعلم مَا دام مكنونا، لا ينشر ولا يفاد. ص41-42
قال عبد الله بن المبارك: من بخل بالحديث يبتل بإحدى ثلاث: إما أن يموت فيذهب علمه، أو ينسى، أو يبتلى بالسلطان. ص42
اللسان بين أجر عظيم أو إثم كبير
الله عز وجل رفع درجة اللسان على سائر الجوارح، فليس منها شيء أعظم أجرا منه إذا أطاع، ولا أعظم ذنبا منه إذا جنى. ص44
فضيلة الصمت
قَالَ الأحنف بْن قيس: الصمت أمان من تحريف اللفظ، وعصمةٌ من زَيغ المنطق، وسلامة من فضول القول، وهيبة لصاحبه. ص45
الواجب على العاقل أن يلزم الصمت، إلى أن يلزمه التكلمُ، فما أكثر مَن ندم إذا نطق، وأقل من يندم إذا سكت، وأطول الناس شقاءً، وأعظمهم بلاء، من ابتلي بلسان مُطلَق، وفؤاد مُطبَق. ص45
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:يَا أَحْنَفُ، مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ، وَمَنْ كَثُرَ سَقَطُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ، وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ. ص46
الواجب على العاقل أن يُنصف أذنيه من فيه، ويعلم أنه إنما جعلت له أذنان وفم واحد، ليسمع أكثر مما يقول؛ لأنه إذا قَالَ ربما ندم، وإن لم يقل لم يندم، وهو على رَدِّ مَا لم يقل أقدرُ منه على رد مَا قَالَ، والكلمةُ إذا تكلم بها ملكته، وإن لم يتكلم بها ملكها، والعجب ممن يتكلم بالكلمة إن هي رُفِعت ربَّما ضَرَّته، وإن لم تُرفع لم تضر، كيف لا يصمت؟ ورُبَّ كلمة سَلَبَت نعمة! ص47
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:كَفَى بِكَ ظَالِمًا أَلا تَزَالَ مُخَاصِمًا، وَكَفَى بِكَ آثمًا أَلا تَزَالَ مُمَارِيًا، وَكَفَى بِكَ كَاذِبًا أَلَّا تَزَالَ مُحَدِّثًا إِلَّا حَدِيثًا فِي ذَاتِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. ص48
قال كَعْبٍ: الْعَافِيَةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي السُّكُوتِ. ص48
قال الأوزاعي: مَا بلي أحد في دينه ببلاء أضر عَلَيْهِ من طَلَاقة لسانه. ص48
لسان العاقل يكون وراء قلبه، فإذا أراد القول رجع إلى القلب، فإن كان له قَالَ، وإلا فلا. ص49
الجاهل قلبه في طرف لسانه، مَا أتى على لسانه تكلم به، وما عَقَلَ دينه من لم يحفظ لسانه. ص49
من أعظم الخلل المفسد لصحة السرائر، والمذهب لصلاح الضمائر: الإكثار من الكلام، وإن أبيح له كثرة المنطق. ص50
قَالَ مؤرق العجلي: أمر أنا في طلبه منذ عشر سنين، ولست بتارك طلبه، قالوا: وما هو يا أبا المعتمر؟ قَالَ: الصمت عما لا يعنيني. ص52-53
أهمية صلاح منطق الرجل
قال يَحْيَى بْن أَبِي كثير: مَا صلح منطق رجل، إلا عُرف ذلك في سائر عمله ولا فسد منطق رجل إلا عرف ذلك في سائر عمله. ص49
الواجب على العاقل أن يروض نفسه على ترك مَا أبيح له من النطق لئلا يقع في المزجورات، فيكون حتفه فيما يخرج منه، لأن الكلام إذا أكثر منه؛ أورث صاحبه التلذذ بضد الطاعات، فإذا لم يوفق العبد لاستعمال اللسان فيما يجدي عَلَيْهِ نفعه في الآخرة، كان وجود الإمساك عَن السوء أولى به. ص52
لزوم الصدق ومجانبة الكذب
لا يجب للعاقل أن يعود آلة خلقها اللَّه للنطق بتوحيده الكذب، بل يجب عَلَيْهِ المداومة برعايته، بلزوم الصدق، وما يعود عَلَيْهِ نفعه في داريه، لأن اللسان يقتضي مَا عود: إن صدقا فصدقا، وإن كذبا فكذبا .ص53
يقول الفضيل بْن عياض: مَا من مُضغة أحبُّ إلى اللَّه من لسان صدوق، وما من مضغة أبغض إلى اللَّه من لسان كذوب. ص54
كل شيء يستعار ليتجمَّلَ به، سَهلٌ وجودُه، خلا اللسان، فإنه لا ينبئ إلا عما عُوِّد، والصدق ينجي، والكذب يُردِي. ص54
العي في بعض الأوقات خير من النطق، لأن كل كلام أخطأ صاحبه موضعه، فالعي خير منه. ص57
اخزن لسانك كما تخزن دراهمك
قالعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: ذَرْ مَا لَسْتَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ، وَلا تَنْطِقْ فِيمَا لا يَعْنِيكَ، وَاخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ دَرَاهِمَكَ. ص58
خطورة اللسان
اللسان لا يندملُ جُرحه، ولا يلتئم مَا قطع به، وكلمُ القول إذا وصل إلى القلب لم ينزع إلا بعد مدة طويلة، ولم يستخرج إلا بعد حيلة شديدة، ومن الناس من لا يُكرَم إلا للسانه، ولا يهان إلا به، فالواجب على العاقل ألا يكون ممن يهان به. ص58
ضرورة لزوم الحياء
الواجب على العاقل لزوم الحياء، لأنه أصل العقل، وبذر الخير، وتركه أصل الجهل، وبذر الشر. ص59
إذا لزم المرء الحياء كانت أسباب الخير منه موجودة، كما أن الوقح إذا لزم البذاء كان وجود الخير منه معدوما، وتواتر الشر منه موجودا؛ لأن الحياء هو الحائل بين المرء وبين المزجورات كلها، فبقوة الحياء يضعف ارتكابه إياها، وبضعف الحياء تقوى مباشرته إياها. ص60
إن من أعظم بركته– أي الحياء- تعويد النفس ركوب الخصال المحمودة ، ومجانبتها الخلال المذمومة. ص60
إن المرء إذا اشتد حياؤه صان عِرضه، ودفن مساويه، ونشر محاسنه، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره، ومن ذهب سروره هان على الناس ومُقِتَ، ومن مُقِتَ أوذي، ومن أوذي حزِن، ومن حزن فقد عقله، ومن أصيب في عقله، كان أكثر قوله عَلَيْهِ لا له، ولا دواء لمن لا حياء له، ولا حياء لمن لا وفاء له، ولا وفاء لمن لا إخاء له، ومن قل حياؤه، صنع مَا شاء، وقال مَا أحب. ص61
hg]vv hgyvhx llh rg~Q ,]g >> twg odh' hgyvhl odh'
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
5 أعضاء قالوا شكراً لـ خياط على المشاركة المفيدة:
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 02:07 AM
|