بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديث صحيح،رواه البخاري ومسلم في الصحيحين،
من حديث ابن مسعود،رضي الله تعالى عنه،عن النبي
صلى الله عليه وسلم،قال حديثاً معناه
(إن الجنين في بطن أمه يكتب له الشقاء أو السعادة)
فهل الشقاء على وتيرة واحدة،أو السعادة على وتيرة واحدة،
أم أنها درجات،وهل هي في الدنيا أم في الآخرة،
أم في الآخرة والدنيا،
وأخبر عليه الصلاة والسلام،أن الجنين إذا مضى عليه ثلاثة
أطوار كل طور أربعين، يعني أربعة أشهر يدخل عليه الملك
ويأمره الله بكتب رزقه وأجله وعمله ويكتب هل هو شقي أو سعيد
فالشقي من أهل النار،والسعيد من أهل الجنة،
والله جل وعلا،يكتب أعماله كلها ولا ينافي هذا الأمر والنهي،
القدر ماض في أمر الله، ولكن على العبد أن يعمل، مثل ما
قال النبي،لى الله عليه وسلم،ما قال الصحابي يا رسول الله،
ذا كانت الأعمال تكتب بشقاء وسعادة ففيمَ العمل،قال النبي،
صلى الله عليه وسلم(اعملوا فكل ميسر لما خلق له)
أما أهل السعادة فيسرون لأعمال أهل السعادة،
وأما أهل الشقاء فميسرون لعمل أهل الشقاء،
فالعبد على ما كتب عليه، كتب الشقاوة في الدنيا
والآخرة فهو شقي،
كتب له السعادة فهو سعيد في الدنيا والآخرة،
يكتب له شقاوة في الدنيا دون الآخرة،أو شقاوة في
الآخرة دون الدنيا، قد يعمل بعمل أهل الجنة في الدنيا
ثم يموت على عمل أهل النار فيدخل النار،
وقد يكون شقياً في الدنيا بأعمال أهل النار،ثم يكتب
الله له التوبة فيتوب عند موته قبل أن يموت فيكون من
أهل السعادة،
فكل شيء يكتب على العبد شقاوته وسعادته في الدنيا
والآخرة، لكن مع هذا كله الواجب عليه العمل،وأن يتقي الله،
وأن لا يقول هذا كتب علي وأنا أجلس،لا،مثل ما أمر النبي
صلى الله عليه وسلم،الصحابة قال(اعملوا فكل ميسر لما خلق له"
. والله يقول سبحانه(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)
سورة التوبة،
اعملوا فقد خلق الله الحياة الدنيا لحكمة ذكرها في كتابه
حيث قال(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم
أحسن عملاً وهو العزيز الغفور)الملك،
فهذه الحياة هي دار ابتلاء حيث يبتلي الله عباده،فمن صدق
بالرسل وعمل بما في الكتب كان من أهل الجنة،ومن أهل السعادة،
ومن كذب كان من أهل الشقاء وأهل النار،
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم،عما يعمله الناس أهو
أمر قد قضي وفرغ منه،أم أمر مستأنف،فقال بل أمر قد
قضي وفرغ منه ،
فعلى كل واحد أن يعمل ويبحث عن مواطن الهداية ويدعو
الله أن يرزقه الثبات على الدين،وأن يعلم أن الله تعالى
قد خلق الخلق وهو يعلم أرزاقهم وآجالهم وماهم عاملون،
وأن نثق بحكمة الله وعدله،وأنه لايعذب أحد بغير ذنب استحقه
وأنه يعفو عن كثير،
يقول ابن عثيمين رحمه الله، قال المؤلف رحمه الله تعالى في
كتابه رياض الصالحين،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(ما منكم من أحد إلا قد كُتب مقعده من الجنة ومقعده من النار،
كل إنسان من بني آدم مكتوب مقعده من الجنة إن كان من أهل الجنة،ومقعده من النار إن كان من أهل النار، وذلك قبل خلق
السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)
لما قال هذا الكلام قالوا،يا رسول الله، أفلا ندع العمل
ونتكل على الكتاب، يعني مادام الأمر مكتوباً فما حاجة
العمل، فقال(لا تدعوا العمل، فالجنة لا تأتي إلا بعمل،
والنار لا تأتي إلا بعمل، فلا يدخل النار إلا من عمل بعمل
أهل النار، ولا يدخل الجنة إلا من عمل بعمل أهل الجنة)قال
(اعملوا فكل ميسر لما خلق له) أما أهل السعادة فييسرون
لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل
الشقاوة،فأنت إذا رأيت الله قد يسر لك عمل أهل السعادة فأبشر
أنك من أهل السعادة، وإذا رأيت نفسك أنك تنقاد للصلاة للزكاة
لفعل الخير عندك تقوى من الله عز وجل فإعلم وإستبشر أنك من أهل السعادة،فإن هذين المقعدين،المقعد من النار،والمقعد من الجنة
لكل واحد من بني آدم،فإن كان قد وفقه الله وكتب من أهل السعادة
فسييسره الله لعمل أهل السعادة فيصير إلى مقعده في الجنة،
ثم تلا قوله تعالى
(وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى،وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى،فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) الليل،
وإن رأيت العكس،رأيت نفسك تنشرح بفعل السيئات والعياذ بالله،
وتضيق ذرعاً بفعل الطاعات، فأحذر أنقذ نفسك وتب إلى الله عز وجل
،حتى ييسر الله لك، وإعلم أنك إذا أقبلت على الله أقبل الله عليك،
حتى إذا أذنبت مهما أذنبت قال الله تعالى
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)الزمر،
وما على الإنسان إلا الدعاء والرجاء من الله جل وعلا أن يجعله
من أهل السعادة،فإن الدعاء والقضاء يتعالجان أيهما يسبق
وذلك بقضاء الله وقدرته وحكمته،فإن الدعاء هو العبادة،
اللهم وفقنا لما تحب وترضى،وأمنا يوم الفزع الأكبر،واجعلنا
من أهل السعادة،وادخلنا الجنة بغير حساب ولا عذاب،ونسأل الله
أن يجعلنا وإياكم من السعداء، في جنة الفردوس،
برحمتك ورضوانك يا رب العالمين.
hulg,h t;gS ldsv glh ogr gi g[.v hulg,h t;gS